حماية البيئة في الشريعة الإسلامية..الانتقال إلى مجتمع مستدام أمر ضروري

ECO172 أكتوبر 2024
حماية البيئة في الشريعة الإسلامية..الانتقال إلى مجتمع مستدام أمر ضروري
أمين بوخويمة

تشير العديد من المنظمات والتقارير الوطنية والدولية إلى أهمية البيئة وضرورة المحافظة عليها، لكن يبقى الإسلام سباقا في العناية بالبيئة والارتقاء بها والإحسان إليها وحمايتها من جميع أشكال الفساد والتلوث.

وقال مجموعة من العلماء، إن حماية البيئة من المنظور الإسلامي أمر ضروري، وأن الكون مخلوق من قبل الله، وهو متنوع بشكل جميل، وعلينا أن نسعى للحفاظ عليه بكل جماله، وأن نتذكر دائماً حق الأجيال القادمة في بيئة نظيفة وموارد كافية، كما أن التوازن البيئي هو أحد الأهداف النبيلة للشريعة الإسلامية في قوله تعالى: “إنا كل شيء خلقناه بقدر” .

ويرتكز منظور الإسلام للبيئة على فكرة الخلافة، لأن الأرض من بديع صنع الخالق، والإنسان مستخلف في الأرض وبالتالي يجب عليه أن يتصرف فيها تصرف الأمين والوصي والمسؤول عنها، وأن يتعامل معها برفق وأسلوب رشيد من أجل مستقبله ومستقبل الأجيال القادمة.

وحث القرآن الكريم الناس على ضرورة الاهتمام بالبيئة، عن طريق مجموعة من الآيات القرآنية، فقد قال الله تعالى: “إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” (سورة يونس الآية 24) .

وقال أيضا: “تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ” ، فالإنسان عندما يؤذي أحد الطيور أو النبات، فإنه يؤذي كائنات تسبح بحمد الله.

وقولة سبحانه: “كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين”.

وتعد الأعمال الإنسانية مسؤولة عن الأزمة البيئية العالمية، كتدمير الموائل الطبيعية، وفقدان التنوع البيولوجي، وتغير المناخ، وتآكل التربة، و الجشع والجهل بقيمة هذه الأشياء. لقوله عز وجل:

“ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. (سورة الروم، الآية رقم 41).

وتزخر السنة النبوية الشريفة بأحاديث عدة تحث على حماية البيئة وتحذر من التلوث أياً كانت درجته، وعلى رأس ذلك الحديث الذي يقول على أن حماية البيئة من شعب الإيمان، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق”. وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها”. وتعدد أحاديث أخرى بعض صور التلوث والاعتداء على المكونات البيئية، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “بينما رجل يمشي بالطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له”.  وقصة المرأة التي دخلت النار في هرة ربطتها وعذبتها، وقصة الرجل الذي سقا كلباً فغفر الله له، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إماطتك الحجر والشوك والعظم عن طريق الناس صدقة” (رواه ابن ماجة). والنهي عن تلوث المياه بالمخلفات، وغير ذلك من الأحاديث كثيرة .

ووفق المنظور الإسلامي، يتم الانتقال لمجتمع مستدام من خلال تبني تنمية مسؤولة واحترام مبادئ الاستدامة، ويتطلب هذا التغير إحداث نقلة في القواعد والممارسات ويمكن أن يصبح الدين جزءاً قوياً من الحل إذا كان البشر يجسدون رؤية روحية كلية تجاه البشرية والأرض والكون. ويقدم الخطاب الإسلامي شعوراً بالأمل والتفاؤل بشأن إمكانية تحقيق الانسجام بين الإنسان والطبيعة، وستتوازن الأمور على الأرض إذا أعاد البشر التفكير في أساليب حياتهم وعقولهم كما جاء في القرآن الكريم.

 

 

اترك تعليق

يجب ان تسجل الدخول لكي تتمكن من إضافة التعليقات

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق