حقوق الإنسان في 2025.. الانتهاكات المتصاعدة والمكتسبات البيئية الجديدة

ECO1710 ديسمبر 2025
حقوق الإنسان في 2025.. الانتهاكات المتصاعدة والمكتسبات البيئية الجديدة
خديجة مبتسم

يأتي يوم حقوق الإنسان لسنة 2025 في سياق عالمي بالغ الحساسية، تتقاطع فيه الأزمات السياسية والمناخية والاقتصادية، وتختبر فيه قدرة المنظومة الحقوقية الدولية على حماية الأفراد والمجتمعات. وتُظهر حصيلة هذه السنة مفارقة لافتة: تصاعد الانتهاكات من جهة، وظهور مبادرات بيئية حقوقية واعدة من جهة أخرى.

حصيلة الانتهاكات: سنة صعبة على الحقوق والبيئة معا

تشير التقارير الحقوقية الدولية، وعلى رأسها تقارير الأمم المتحدة والمنظمات المستقلة، إلى تفاقم مظاهر العنف والنزاعات التي تمس الحق في الحياة والكرامة والبيئة. فقد شهدت مناطق عدة، خصوصا مناطق النزاع، تدهورا حادا في الظروف البيئية، من تلوث مصادر المياه إلى تدمير البنية التحتية الصحية والغذائية، ما أثر مباشرة في حقوق ملايين المدنيين.

وتحذر الأمم المتحدة من أن نقص التمويل الحاد الذي يعانيه مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان يهدد بعرقلة العمل الرقابي على الانتهاكات، بما فيها الانتهاكات البيئية، ويقلص من قدرة الوكالات الأممية على إرسال بعثات ميدانية أو متابعة حالات التعدي على المدافعين البيئيين، الذين تستهدفهم شبكات اقتصادية ومليشيات في مناطق مختلفة من العالم.

كما تسجل زيادة مقلقة في العنف الرقمي ضد الناشطات البيئيات والصحافيات، في ظل توسع خطاب الكراهية والتحريض عبر الإنترنت، ما يضع حرية التعبير والعمل المدني في دائرة الخطر.

مكاسب وتطورات إيجابية: بروز العدالة البيئية كحق إنساني

على الرغم من قتامة المشهد، فإن سنة 2025 قد حملت مكتسبات حقوقية مهمة، خاصة في المجال البيئي، إذ اتسع الاعتراف الدولي بالحق في بيئة سليمة كحق إنساني جوهري، مع سعي دول عدة إلى إدماجه دستوريا وتشريعيا. وتزايدت المبادرات التي تربط بين حقوق الإنسان والعمل المناخي، خصوصا بعد إدراك أن تدهور البيئة يهدد مباشرة الحق في الصحة والغذاء والسكن.

كما سجلت حلول الذكاء الاصطناعي دورا متناميا في رصد التلوث، وتوقع المخاطر المناخية، وكشف الاعتداءات على الغابات والمناطق المحمية. وهي أدوات باتت المنظمات الحقوقية تعتمد عليها لتعويض نقص الإمكانيات البشرية والميدانية.

إلى جانب ذلك، أعادت مبادرات تثقيف الشباب، مثل منتدى بودابست، إطلاق دينامية جديدة في الوعي البيئي الحقوقي، حيث أصبح الشباب فاعلين في مراقبة السياسات العمومية داخل بلدانهم، وكذلك متابعة السياسات المناخية الدولية، والمطالبة بمساءلة الحكومات والدول بشأن التزاماتها البيئية. ويعتبر منتدى بودابست منصة أممية تجمع شبابا من دول مختلفة، وتربط بين التربية على حقوق الإنسان والعدالة البيئية العالمية، مما يعزز دور الجيل الجديد في قيادة التحول نحو سياسات مناخية أكثر عدالة واستدامة

مستقبل الحقوق في صلب البيئة

تؤكد حصيلة 2025 أن حقوق الإنسان لم تعد منفصلة عن البيئة، وأن النضال الحقوقي اليوم يمر حتما عبر بوابة العدالة المناخية، الحق في موارد طبيعية سليمة، والحق في هواء وماء وغذاء آمن. إنها سنة تذكرنا بأن حماية الإنسان تبدأ من حماية الأرض، وبأن أي تقدم في حقوق الإنسان يظل هشا ما لم يترجم إلى سياسات مستدامة تحفظ النظام البيئي الذي يقوم عليه وجودنا.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)

    نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

    موافق