تحتفل نساء العالم بعيدهم الأممي (ثامن مارس)، وهو مناسبة للاعتراف بدور المرأة الفعال في المجتمع، والاحتفاء بالنساء القياديات والوقوف على أهم المنجزات التي حققتها في مختلف المجالات.
وبهذه المناسبة ارتأت جريدة إيكو ECO17 الاحتفال بنساء رائدات في مختلف الميادين، من خلال إنجاز بورتري عن نساء استطعن أن يبصمن مسارا مهنيا متميزا ومتفردا.
من بين النساء اللواتي نحجن وبرعن في مجالهن المهني والعلمي والأكاديمي، ليلى بنعلي، وزيرة التنمية المستدامة والانتقال الطاقي.
استطاعت ليلى بنعلي أن تفرض نفسها في قطاع الطاقة والاقتصاد، وهو مجال لطالما كان حكرا على الرجال، مجسدة نموذجا للمرأة المغربية الطموحة والقادرة على إحداث تحول نوعي في سياسات الطاقة الوطنية أمام ما يواجه العالم من تحديات بيئية متزايدة.
النشأة والتكوين الأكاديمي
واصلت ليلى بنعلي مسارها الأكاديمي في الهندسة، حيث درست في المدرسة المحمدية للمهندسين والمدرسة المركزية بباريس، كما حصلت على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية. إلى جانب ذلك، نالت درجة الدكتوراه بامتياز مع مرتبة الشرف العليا في الاقتصاد من معهد العلوم السياسية بباريس، حيث قدمت أطروحتها سنة 2010 تحت إشراف الاقتصادي الفرنسي جان بول فيتوسي، والتي تناولت موضوع “إصلاحات الكهرباء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.
الخبرة المهنية
شغلت منصب مهندسة، لمدة ثلاث سنوات، في الوكالة الوطنية للطاقة الذرية وشركة شلمبرجير، قبل أن تتجه إلى تدريس سياسة الطاقة في معهد العلوم السياسية بباريس، مع مواصلة عملها في القطاع الخاص.
راكمت بنعلي، بين سنتي 2002 و2013، خبرة واسعة في مجال استراتيجيات الطاقة والسياسات الاقتصادية، حيث عملت مع شركة كامبريدج لأبحاث الطاقة والاستشارات الدفاعية. وخلال هذه الفترة، شاركت في مشاريع كبرى للحكومات والشركات الدولية، مع التركيز على تخطيط سياسات الطاقة والاستثمارات الاستراتيجية.
وساهمت بنعلي في تطوير خارطة طريق للطاقة في إحدى دول المشرق العربي، كما شاركت في صياغة الاستراتيجية الاقتصادية لليبيا، وساهمت في إعداد قانون النفط والغاز الجديد في العراق، وشاركت في إعداد تقرير حول مراجعة احتياطيات النفط لصالح هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية.
إلى جانب ذلك، أشرفت على دراسة بعنوان “التعطش للنمو”، التي تطرقت إلى الاتجاهات طويلة الأمد في قطاعي الغاز والكهرباء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
التحول المهني نحو كبرى المؤسسات الطاقية
شهدت سنة 2013 انتقالا مهنيا مهما في مسار بنعلي، حيث انضمت إلى شركة أرامكو السعودية، وتولت مسؤوليات تتعلق بإصلاح أسعار الطاقة، والاستراتيجية الدولية للغاز، والاستحواذ على الأصول، إلى جانب الإعداد لأكبر اكتتاب عام في تاريخ الأسواق المالية.
في سنة 2018، التحقت ببنك “أبيكورب”، المؤسسة المالية التي تضم الدول العربية المصدرة للنفط، حيث شغلت منصب كبيرة الاقتصاديين، كما قادت أقسام الاستراتيجية والاستدامة، وبفضل خبرتها، انضمت إلى لجنة خبراء الطاقة الأحفورية التابعة للأمم المتحدة، كما أصبحت عضوة في المنتدى الدولي للطاقة، أكبر منظمة للطاقة في العالم، وذلك قبيل انتخابات شتنبر 2021.
المسار السياسي وتولي الوزارة
برزت ليلى بنعلي ضمن أعضاء اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، حيث كانت واحدة من بين 35 خبيرا مكلفين بوضع تصور جديد للنموذج التنموي المغربي بطريقة شاملة وتشاركية.
وفي 7 أكتوبر 2021، عينها جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وزيرة للانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، حيث اضطلعت بمسؤوليات كبرى في مجال الطاقات المتجددة وإصلاح سياسات الطاقة الوطنية.
شاركت ليلى بنعلي، كوزيرة، في قمة المناخ “كوب 26” في نونبر 2021؛ وحققت العديد من الإنجازات في مجالات الطاقات المتجددة، النجاعة الطاقية، والتنمية المستدامة:
• في قطاع الطاقات المتجددة:
عملت الوزيرة على تسريع تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، حيث تمت إضافة 315 ميغاواط من الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة، مع استمرار العمل على مشاريع كبرى مثل مركب “نور ميدلت”، ومحطات “نور أطلس” و”نور الفوتوضوئي” للطاقة الشمسية.
كما أطلق المغرب، في عهد ليلى بنعلي الوزيرة، استثمارات جديدة في سوق الهيدروجين الأخضر والطاقة النظيفة، مع مضاعفة الاستثمارات السنوية في هذا المجال ثلاث مرات.
• في مجال النجاعة الطاقية:
أشرفت بنعلي على تنفيذ برنامج لدعم النجاعة الطاقية بميزانية 200 مليون درهم للفترة 2022-2026، عبر استهداف قطاعات البنايات والصناعة والإنارة العمومية، كما ساهمت الوزارة، في عهدها، في تأهيل أكثر من 6000 مسجد، مما أدى إلى تقليص الاستهلاك الطاقي للمساجد بنسبة 40%
• في مجال التشريعات والإصلاحات:
تمكنت بنعلي من إجراء تعديلات قانونية مهمة لتعزيز مناخ الأعمال في قطاع الطاقة، مثل تعديل القانون 13-09 المتعلق بالطاقات المتجددة، وقانون الإنتاج الذاتي للكهرباء، مما ساهم في تحسين بيئة الاستثمار في القطاع
• في مجال الطاقة التقليدية:
تم العمل على رفع قدرات تخزين المواد البترولية، وإطلاق مشاريع تنقيب جديدة عن الهيدروكربونات، إضافة إلى دخول المغرب لأول مرة سوق الغاز الطبيعي المسال كجزء من استراتيجيته لتنويع مصادر الطاقة
• الاستراتيجية المستقبلية:
تعمل بنعلي على بلورة استراتيجية للتنمية المستدامة في أفق 2035، بهدف تحقيق اقتصاد منخفض الكربون وتعزيز الاستدامة في مختلف القطاعات، مع التركيز على استخدام الطاقات المتجددة في تحلية المياه وتحقيق صناعة خالية من الانبعاثات
بهذه الإنجازات، تواصل ليلى بنعلي قيادة التحول الطاقي في المغرب، مع التركيز على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وضمان أمن الطاقة للبلاد.