قلعة مكونة تحتضن النسخة الستون للمعرض الدولي للورد العطري  

ECO173 مايو 2025
قلعة مكونة تحتضن النسخة الستون للمعرض الدولي للورد العطري  
محمد الدريهم

تستضيف مدينة قلعة مكونة النسخة الستين للمعرض الدولي للورد العطري في الفترة الممتدة من 5 إلى 8 ماي 2025 ، وهو الحدث السنوي الذي يقام تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد .

ينظم هذا المعرض من طرف وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بشراكة مع عمالة إقليم تنغير وشركاء وطنيين ودوليين، و ذلك تحت شعار “سلسلة الورد العطري: رافعة للتنمية المستدامة في إطار استراتيجية الجيل الأخضر”.

 على مدى أربعة أيام إذن، سيتمكن الزوار من اكتشاف أكثر من 100 جناح، بما في ذلك فضاء مؤسساتي، وفضاء مخصص لسلسلة الورد العطري والمنتجات المجالية، بالإضافة إلى فضاء مخصص للمدخلات الزراعية. كما سيشمل البرنامج أيضًا ندوات علمية وموائد مستديرة ينشطها خبراء وباحثون حول مواضيع تتعلق بتنمية سلسلة قيمة الورد العطري.

 وحسب المنظمين، من المتوقع أن يستقطب هذا الحدث، الذي يحتفل بستة عقود من الوجود، أكثر من 100 ألف زائر من المغرب والخارج، بمن فيهم مهنيون ومستثمرون وزوار من مختلف الفئات. وستشمل فعاليات هذا الحدث أيضًا أمسية فنية وكرنفالًا فولكلوريًا، مما سيسلط الضوء على الإنجازات البارزة لاستراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030” وجهود الفاعلين في سلسلة الورد العطري لتعزيز التنمية المستدامة والعدالة المجالية.

 في قلب جهة درعة تافيلالت، وتحديدًا في إقليم تنغير، تنبض مدينة قلعة مكونة بطاقة خاصة عندما تتفتح ألوان شهر ماي، ويشهد هذا المركز الاقتصادي والاجتماعي الحيوي تضاعف عدد سكانه، طيلة أيام احتفال ساحر مثل الروائح التي تفوح منه: مهرجان الورود.

إنه ليس مجرد حدث محلي؛ بل هو نقطة جذب للمسافرين من جميع أنحاء العالم وللمغاربة القادمين من كل حدب وصوب من المملكة. الكل يتوافد إلى هنا، مدفوعًا بالوعد باكتشاف الأسرار العطرية لمستحضرات التجميل الحرفية، التي تولد من التقطير الدقيق لبتلات الورد. ماء الورد، الجوهر الثمين، هو أكثر من مجرد فضول: إنه مكون مطلوب في المطبخ التقليدي، يزين الطواجن برشاقة ويضفي لمسة ساحرة على الحلويات الشرقية.

عادة ما يتم تنظيم هذه الفترة الساحرة في بداية شهر ماي، وتستمر ثلاثة أيام. السكان، المتزينون بأبهى حللهم، يتحولون إلى ممثلين في سيمفونية من الفرح. يتبادل ماء الورد والبتلات في أمطار خفيفة، بينما تتعالى الأغاني والرقصات التقليدية – رقصة السيف الشامخة، ورقصة أحيدوس الجميلة، ورقصة النحل الساحرة – لتحيي الشوارع في موكب ملون. وذروة هذا الاحتفال هو انتخاب ملكة الورود، وهي شابة عزباء تتألق على عربتها المزينة بالزهور، تجسد جمال هذا العيد، تحمله الموسيقى والأغاني.

تروي همسات التاريخ أن وردة دمشق وجدت طريقها إلى هذا الوادي الخصيب في القرن العاشر. حجاج أمازيغ، انبهروا بروعة ورائحة هذه الزهرة المقدسة خلال رحلتهم إلى مكة المكرمة، أحضروا معهم بعض الشتلات الثمينة. وعندما أعيد غرسها بعناية في أرض قلعة مكونة، يُقال إن بعض البذور التي ضاعت في الطريق أدت إلى ظهور هذه الورود الرائعة التي تعطر اليوم الأجواء، وتزين المناظر الطبيعية، وتجعل هذه المنطقة من الأطلس الكبير الشرقي مشهورة، والمعروفة الآن باسم وادي الورود.

في قلب هذه الجنة العطرية، تحول مقطرات نحاسية متواضعة الرقة إلى ثراء. تخيل: ما لا يقل عن 300 كيلوغرام من البتلات الرقيقة تغمر في 700 لتر من الماء المغلي. يتصاعد البخار، المحمل بالزيوت العطرية الثمينة، عبر الأنابيب المتعرجة المبردة، مكثفًا الجوهر في سائل يتم جمعه في خزان. هناك، يستقر ماء الورد في الأسفل، بينما يطفو الزيت العطري، مركز العطر، على السطح، جاهزًا للاستخلاص والتعبئة. وبغض النظر عن رائحته الساحرة وخصائصه التجميلية المعروفة، يحتل الورد مكانة مرموقة في علم الصيدلة التقليدي المحلي، وهو كنز طبيعي تعتز به قلعة مكونة وتحتفل به بشغف.

 

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept