منحت اليونسكو مدينتي طنجة وآسفي اعترافا جديدا بوصفهما فضاءين للإبداع الأدبي، بعد إدراجهما ضمن شبكة المدن المبدعة في مجال الأدب.
هذا الحدث لا يضيف لقبا دوليا فحسب، بل يكرس مسارا ثقافيا عاشته المدينتان منذ سنوات، حيث تحول الأدب إلى جزء من نبضهما اليومي.
في طنجة، تتقاطع الذاكرة بالحداثة في مشهد أدبي مفتوح على البحر والمدينة القديمة والمقاهي التي احتضنت الكتّاب منذ منتصف القرن الماضي. اختارت المدينة أن تعيد وصل حاضرها بماضيها الثقافي عبر مبادرات حية تنطلق من أحيائها وأسواقها وساحاتها العامة.
يتزايد حضور القراءة والكتابة في الحياة اليومية، من المبادرات الطلابية إلى المقاهي التي تستضيف أمسيات شعرية. تشكل طنجة اليوم فضاء يعيش فيه الأدب خارج الكتب، في الشارع والميناء والجامعات، حيث يلتقي المبدعون والجمهور في لغة مشتركة تجمع بين الحنين والانفتاح.
أما آسفي، فتعيد بناء علاقتها مع الأدب انطلاقا من عمقها الشعبي. المدينة التي ارتبط اسمها بالخزف والبحر والحكاية تستعيد اليوم صوتها الأدبي عبر القصص القصيرة والمسرح المحلي ومهرجانات الشعر. في أحيائها القديمة، تنبع حكايات جديدة تعكس حياة الناس وهمومهم اليومية، وتتحول الكلمات إلى وسيلة للتعبير عن الذات ولحفظ الذاكرة. يتزايد اهتمام الشباب بالكتابة والنشر الإلكتروني، وتظهر ورشات للقراءة في المقاهي والمدارس، ما يمنح الأدب وظيفة اجتماعية تتجاوز الاحتفال الرمزي.
تمضي المدينتان في طريق واحد، حيث يتحول الإبداع إلى أسلوب عيش وإلى أداة لتجديد العلاقة بالمدينة نفسها. حضور طنجة وآسفي ضمن شبكة اليونسكو لا يقتصر على التصنيف، بل يفتح أفقا عمليا للتعاون الثقافي مع مدن أخرى، ويعطي للمغرب صوتا جديدا في الساحة الأدبية العالمية. فالأدب هنا لا يزين الصورة، بل يعبر عن حيوية المدن وقدرتها على تحويل اللغة إلى طاقة تعيد ترتيب تفاصيل الحياة اليومية.
عذراً التعليقات مغلقة