بعد أكثر من 15 شهرا من الصراع الدامي، تم الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل، دخل حيز التنفيذ يوم أمس الأحد 19 يناير الجاري. يشمل الاتفاق وقفا شاملا لإطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين والرهائن الإسرائيليين، يفتح باب الأمل لإنهاء الأزمة الإنسانية التي عصفت بغزة، لكن تبعات الحرب لا تتوقف عند حدود الضحايا والنزوح؛ بل تمتد لتشمل التأثيرات البيئية الكارثية.
شهد قطاع غزة، خلال فترة النزاع، تدهورا إنسانيا حادا. وفقا لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، قتل ما لا يقل عن 46.913 فلسطينيا، وأصيب 102.347 آخرون بجروح، وبالإضافة إلى ذلك، نزح حوالي 1.9 مليون شخص، و هم ما يمثل نحو 90% من سكان القطاع.
وصف أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، الوضع في غزة بأنه “كارثي”، مؤكدا أن الأولوية الآن هي تخفيف المعاناة الهائلة التي أحدثتها الحرب. ما أشار البابا فرنسيس إلى أن الوضع الإنساني في القطاع الفلسطيني “خطير ومخز للغاية”.
ويتضمن الاتفاق عدة مراحل، تبدأ بوقف شامل لإطلاق النار، وإطلاق سراح 33 رهينة، بينهم نساء وأطفال ومسنون، وانسحاب إسرائيلي من المناطق المأهولة في قطاع غزة، وزيادة في المساعدات الإنسانية الداخلة إلى القطاع، كما يشمل الاتفاق الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
الدمار البيئي في غزة: أزمة صامتة
الصراع الذي شهدته غزة خلف دمارا واسع النطاق في البنية التحتية المدنية والبيئية. وفقا لتقارير بيئية دولية، أدى القصف المكثف إلى تلوث التربة والمياه الجوفية نتيجة تسرب المواد السامة من الذخائر المستخدمة.
تلوث المياه:
تعد المياه الجوفية المصدر الرئيسي للشرب في غزة، لكنها تعرضت لتلوث شديد بسبب تسرب الوقود والزيوت من محطات الطاقة المدمرة. كما أن القصف المتكرر لشبكات الصرف الصحي أدى إلى تسرب مياه الصرف الصحي إلى مصادر المياه العذبة.
تلوث الهواء:
أطلق القصف المتواصل واستخدام الأسلحة الثقيلة، كميات كبيرة من الجسيمات الدقيقة والمواد السامة في الهواء. وقد أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن جودة الهواء في غزة تأثرت بشدة، ما يهدد صحة السكان على المدى الطويل.
تدهور التربة:
تعرضت الأراضي الزراعية، التي تشكل مصدر رزق رئيسي لسكان القطاع، للتجريف والتلوث، مما أدى إلى انخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية.
كما أن الصراع في غزة لم يحدث بمعزل عن أزمة التغير المناخي. حيث مع ارتفاع درجات الحرارة وشح المياه المتزايد في المنطقة، تعاني غزة من نقص حاد في الموارد الطبيعية. ناهيك عن الدمار الذي لحق بالبنية التحتية البيئية زاد من هشاشة القطاع أمام الكوارث المناخية، مثل الفيضانات والجفاف.
رغم أهمية هذا الاتفاق، لإنهاء المأساة الإنسانية، تطرح تساؤلات ملحة حول مستقبل قطاع غزة. وذلك من قبيل كيفية التعامل مع إعادة إعمار البنية التحتية المدمرة، ومعالجة التدهور البيئي الخطير، ووضع أسس تنمية مستدامة تحمي القطاع من أزمات مشابهة في المستقبل؟