يتسارع ارتفاع مستويات سطح البحر حول العالم، مما يهدد المجتمعات الساحلية ويغير معالم الجغرافيا، تواجه الحكومات والمنظمات الدولية هذا التحدي بجهود مكثفة، في مقدمتها وكالة ناسا، التي توفر رؤى حاسمة حول هذه الظاهرة.
وأتاحت ناسا مؤخرا بياناتها العالمية بشأن مستوى سطح البحر للجمهور عبر قسم جديد في مركز معلومات الأرض، الذي يجمع تقديرات لارتفاع مستويات البحر حتى 2150، إضافة إلى توقعات الفيضانات الساحلية حتى العقود الثلاثة المقبلة. تعتمد هذه التقديرات على بيانات الأقمار الصناعية، النماذج الحاسوبية للصفائح الجليدية والمحيطات، وتقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
و أكدت كارين سانت جيرمان، مديرة قسم علوم الأرض في ناسا، أهمية هذه البيانات في مساعدة المجتمعات على التكيف مع التحديات المناخية، قائلة: “نبتكر لصالح البشرية عبر أدوات متطورة تعتمد على البيانات لتوفير معلومات حاسمة لتخطيط البنية التحتية الساحلية”.
و تستفيد منظمات دولية، مثل البنك الدولي ووزارة الدفاع الأمريكية، من هذه البيانات في إنشاء ملفات مخاطر مناخية وتحديث خططها الاستراتيجية، كما تستخدم وزارة الخارجية هذه البيانات لدعم الشركاء الدوليين في جهود التكيف مع تغير المناخ، خاصة في الدول الأكثر عرضة للمخاطر.
و كشفت بيانات ناسا أن 96% من الدول الساحلية شهدت ارتفاعا في مستويات البحر بين 1970 و2023، مع تضاعف معدل هذا الارتفاع خلال العقود الثلاثة الماضية، ما يعكس تسارعا مقلقا.
وفي السياق نفسه، أوضحت نادية فينوجرادوفا شيفر، مديرة برنامج فيزياء المحيطات في ناسا، أن المنصة الجديدة تتيح للمجتمعات الساحلية فهم توقيت الفيضانات المستقبلية وحجم المياه المرتفعة.
و تواجه دول جزر المحيط الهادئ ارتفاعا متوقعا بمقدار 15 سنتيمترا في الثلاثين عاما المقبلة، إضافة إلى زيادة كبيرة في أيام الفيضانات الناتجة عن المد العالي بحلول خمسينيات القرن الحالي.
وأشار الباحث بين هاملينجتون من جهته، إلى أهمية هذه البيانات في توجيه خطط التكيف مع ارتفاع مستوى سطح البحر، قائلا: “المستقبل غير مؤكد، لكن البيانات الموثوقة أصبحت ضرورة لاتخاذ قرارات مستنيرة”.
بينما يزداد الضغط على الحكومات والمؤسسات للاستجابة لهذه التحديات، تبقى البيانات الدقيقة حجر الزاوية في حماية الأرواح وسبل العيش في مواجهة ارتفاع مستوى البحر المتسارع.