موسى المالكي: التصحر يتمدد بالمغرب والجفاف المتواصل يفاقم الظاهرة

ECO1728 أبريل 2025
موسى المالكي: التصحر يتمدد بالمغرب والجفاف المتواصل يفاقم الظاهرة
موسى المالكي -

في اليوم العالمي لمكافحة التصحر، تتزايد المخاوف من تفاقم هذه الظاهرة بالمغرب بسبب توالي سنوات الجفاف، وسط دعوات إلى تعزيز التدخلات المحلية والاستفادة من التجارب الدولية لمواجهة تحديات التغيرات المناخية.

يعيش المغرب خلال السنوات الأخيرة على وقع أزمة جفاف خانقة، حيث سجلت البلاد منذ سبع سنوات توالي مواسم جافة أثرت بشكل بالغ على مختلف الموارد الطبيعية. أدى هذا الوضع إلى تراجع خطير في الغطاء النباتي الطبيعي، وهو ما ساهم في تسريع وتيرة التصحر، خاصة في المناطق الهشة والمعروفة بتربتها الضعيفة مثل الوسط والجنوب والشرق.

تتعرض هذه المجالات، التي تشمل مناطق الواحات والمراعي، لزحف الرمال على الأراضي الزراعية الخصبة، مما يهدد التوازن الإيكولوجي المحلي. ويؤدي تدهور التربة إلى تراجع الإنتاج الزراعي والحيواني، وهو ما ينعكس سلبا على الاقتصاد القروي ويزيد من حدة النزوح نحو المدن، مما يفاقم الأعباء الاجتماعية والاقتصادية في الحواضر والضواحي.

التصحر في المغرب: تحدي قديم ومستجد

في هذا الصدد، صرح الأستاذ موسى المالكي لجريدة إيكو 17 ECO  أن “ظاهرة التصحر ليست جديدة على المغرب، إذ تواجه البلاد هذا الخطر منذ عقود، خاصة في المجالات الواحية والمناطق الرعوية بالجنوب والشرق، لكن الجديد هو أن سنوات الجفاف الأخيرة فاقمت الظاهرة وضعفت مقاومة النظم البيئية المحلية، خصوصا مع تآكل الغطاء النباتي وتعرض التربة لتعريات مائية وريحية قوية.”

تدهور الأراضي وتهديد الأمن الغذائي

وأضاف المالكي أن تدهور البيئات شبه الجافة، التي تتميز أصلا بهشاشة تربتها وضعف سمكها، يساهم في فقدان خصوبة الأراضي، ما يؤدي إلى تراجع الأمن الغذائي والسيادة الغذائية للمغرب. كما حذر من أن التصحر، الذي كان يهدد سابقا الجنوب فقط وبعض سفوح الأطلس، أصبح اليوم يتمدد إلى مناطق أخرى، بفعل تغيرات مناخية مستجدة، مما يهدد التوازن البيئي في هذه المناطق، مؤكدا أن هذا التدهور لا يقتصر على الأراضي الزراعية فحسب، بل يطال أيضا الإنتاج الزراعي والحيواني، حيث تتدهور المراعي ويؤثر ذلك بشكل مباشر على الاقتصاد المحلي. كما أن هذه الظاهرة تعصف بالاستقرار الاجتماعي والتوازن في المناطق المتأثرة، مما يدفع إلى موجات هجرة ونزوح قسري من المناطق القروية، ما يفاقم المشاكل في المدن والضواحي من حيث زيادة الطلب على السكن والشغل والخدمات. ومن هنا، تبرز أهمية حماية هذه المناطق، التي تغطي ملايين الهكتارات في المغرب، والتي تعتبر ضمن المناطق الهشة أو ما يسمى بـ le bord défavorable، حيث تكون أكثر تعرضا للتصحر، بما في ذلك المجالات الواحية والمناطق الشرقية والمراعي.

التصحر وتأثيره على الاقتصاد والاستقرار الاجتماعي

أكد المالكي كذلك، أن المغرب يعتمد على جهود متعددة لمكافحة التصحر سواء عبر المبادرات المحلية للسكان أو من خلال تدخلات وزارة المياه والغابات ومكافحة التصحر، لكنه شدد على ضرورة مضاعفة هذه الجهود والاستفادة من التجارب الدولية الرائدة، مثل تجربة الصين في التشجير البيولوجي ومقاومة التصحر بغرس نباتات مقاومة للجفاف، وتوسيع نطاق هذه المبادرات لمواكبة التحولات المناخية وارتفاع درجات الحرارة وتراجع الموارد المائية.

تحديات وحلول لمكافحة التصحر

اختتم المالكي حديثه بالتنبيه إلى أن التصحر لا يمثل فقط تهديدا بيئيا، بل يمس أيضا التوازنات الاقتصادية والاجتماعية للمناطق المتضررة، مما يستدعي إعادة الاعتبار للبرامج الوطنية وتكثيف الاستثمارات في مجال محاربة التصحر.

وأمام هذه الوضعية المقلقة، يطرح التساؤل نفسه: هل تشكل التساقطات المطرية الأخيرة التي شهدتها بعض مناطق المغرب بارقة أمل قادرة على التخفيف من حدة التصحر، أم أن الأمر يستدعي استراتيجيات أعمق وأكثر شمولية للتكيف مع التغيرات المناخية المتسارعة؟

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept