أظهرت دراسة حديثة صادرة عن معهد إلكانو Real Instituto Elcano في مدريد أن إنتاج الكهرباء من طاقتي الرياح والأمواج لن يشهد تغيرات كبيرة على المستوى العالمي حتى نهاية القرن، حتى في ظل السيناريوهات المناخية الأكثر تطرفا. يعتمد هذا الاستنتاج على تحليل متقدم باستخدام نماذج تحاكي المواقف المناخية الماضية والمستقبلية على المستويين العالمي والإقليمي.
و قدم التحليل دليلا على أن موارد الرياح والأمواج ستظل مصادر طاقة موثوقة على المدى الطويل، باستثناء بعض المناطق المحددة. ورغم التغيرات الكبيرة المتوقعة في درجات الحرارة حتى سنة 2100، لن يتأثر إنتاج الطاقة البحرية بشكل كبير، مما يضمن استقرار توليد الطاقة المتجددة عبر محطات الرياح والأمواج القائمة.
و أكد التقرير أيضا أن الطاقة البحرية ليست فقط موردا منتظما وقابلا للتنبؤ، بل تمتاز كذلك بالتنوع وإمكانية التوسع لتلبية احتياجات قطاعات مختلفة مثل الموانئ ومحطات تحلية المياه. وأوضح أن دمج طاقتي الرياح والأمواج في مواقع معينة يعزز من كفاءة الأنظمة، مما يجعل هذه المصادر خيارا استراتيجيا في مواجهة تحديات تغير المناخ.
سلط التقرير الضوء على تطور طاقة الرياح البحرية على الصعيدين التكنولوجي والصناعي، وبحسب توقعات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، من المتوقع أن تصل السعة الإجمالية لطاقة الرياح البحرية إلى 228 جيجاوات بحلول سنة 2030، و1000 جيجاوات بحلول سنة 2050، لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ.
فيما يتعلق بطاقة الأمواج، أشار التقرير إلى أنها مورد بحري واعد رغم التطور البطيء مقارنة بالتوقعات، وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى إمكانية تطوير 300 جيجاوات من طاقة الأمواج والمد بحلول سنة 2050، مما يعزز من تنويع مصادر الطاقة البحرية.
ركزت الدراسة بشكل خاص على جزر الكناري، حيث أظهرت البيانات أن سرعة الرياح زادت تاريخيا بينما لم تشهد ارتفاعات الأمواج تغييرات ملحوظة، وفتح هذا التباين المجال لإنشاء مزارع طاقة مشتركة بين الرياح والأمواج في نفس الموقع، مما يحسن كفاءة الإنتاج ويدعم استخدام الطاقة في فترات التذبذب بين الموردين.
أكد التقرير أن استخدام طاقتي الرياح والأمواج يعد أمرا ضروريا لتخفيف آثار تغير المناخ، نظرا لكونهما مصادر نظيفة ومستدامة لا تنبعث منها غازات الاحتباس الحراري، ويدعم هذا التحليل الجهود العالمية، التي تمت الدعوة إليها خلال قمة المناخ COP28 في دبي 2023، لمضاعفة قدرة الطاقة المتجددة بحلول سنة 2030.
و أوضح التحليل أن إنتاج الطاقة من طاقتي الرياح والأمواج قد ينخفض في مناطق مثل القطب الشمالي والمحيط الجنوبي، مع تأثيرات محدودة في مواقع أخرى مثل خليج غينيا وجنوب البرازيل، ومع ذلك، أظهرت الدراسة أن استغلال مزيج الرياح والأمواج قد يساهم في زيادة إنتاج الهيدروجين بنسبة تصل إلى 6.28% مقارنة باستخدام توربينات الرياح فقط.
و يعد هذا التحليل خطوة مهمة نحو فهم أفضل لتأثيرات تغير المناخ على الطاقة المتجددة، مما يتيح للدول وضع استراتيجيات مستدامة تضمن استمرارية إنتاج الطاقة النظيفة والحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري.