مؤتمرات الأطراف.. آلية دولية لمواجهة تغير المناخ بين الإنجازات والتحديات
يعتبر مؤتمر الأطراف COP، الهيئة العليا لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ UNFCCC، ويجمع الدول الموقعة على هذه الاتفاقية لمناقشة ومراجعة الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ. يعقد المؤتمر سنويا منذ سنة 1995، ويهدف إلى تقييم التقدم المحرز في مواجهة التغير المناخي، وتطوير سياسات وإجراءات جديدة لتعزيز الجهود الدولية في هذا المجال.
انطلق مؤتمر الأطراف مع اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في قمة الأرض التي انعقدت في ريو دي جانيرو خلال سنة 1992. ومنذ ذلك الحين، عقدت نسخ مختلفة من المؤتمر، وشهدت محطات بارزة، منها:
– كوب1 (1995 – برلين، ألمانيا): تم خلاله وضع الأسس الأولية للتفاوض بشأن الالتزامات المستقبلية.
– كوب3 (1997 – كيوتو، اليابان): تبني بروتوكول كيوتو الذي ألزم الدول المتقدمة بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة.
– كوب21 (2015 – باريس، فرنسا): اعتماد اتفاق باريس، الذي وضع أهدافا عالمية للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى أقل من درجتين مئويتين، مع السعي للحد من الزيادة إلى 1.5 درجة مئوية.
ويسعى مؤتمر الأطراف إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية، أبرزها:
– تقييم التقدم المحرز في جهود مكافحة تغير المناخ
– وضع سياسات وإجراءات جديدة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة عالميا.
– تعزيز التكيف مع التأثيرات المتزايدة لتغير المناخ، خصوصا في الدول النامية والأكثر تضررا.
– توفير التمويل والدعم التكنولوجي للدول النامية لمساعدتها في تنفيذ سياساتها المناخية.
الإنجازات الكبرى للمؤتمر
حقق مؤتمر الأطراف العديد من الإنجازات على مدار دوراته، ومن أبرزها:
– بروتوكول كيوتو (1997): ألزم الدول المتقدمة قانونيا بخفض انبعاثاتها بنسب محددة.
– اتفاق باريس (2015): وضع إطارا عالميا يهدف إلى إبقاء الارتفاع في درجة الحرارة أقل من درجتين مئويتين مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.
تعزيز الوعي العالمي بالمناخ : ساهم المؤتمر في وضع قضايا البيئة والتغير المناخي على أجندة الحكومات والمنظمات الدولية، ودفع باتجاه التحول إلى الطاقات المتجددة.
الانتقادات الموجهة للمؤتمر
رغم الإنجازات التي حققها مؤتمر الأطراف، إلا أنه يواجه انتقادات متعددة، من بينها:
– بطء التنفيذ : تأخر الدول في تنفيذ الالتزامات المناخية المتفق عليها.
– عدم كفاية التمويل : لا تحصل الدول النامية على الدعم المالي الكافي لمساعدتها في مواجهة تحديات المناخ.
– التفاوت في الالتزامات: هناك فجوة بين التزامات الدول المتقدمة والنامية، مما يؤثر على فعالية الجهود المناخية عالميا.
مؤتمر الأطراف 29 (COP29) – الدورة الأخيرة وتوصياتها
عُقد مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون COP29 في باكو، أذربيجان، في نونبر 2024. وتم التركيز في هذه الدورة على تمويل المناخ، وذلك بهدف مساعدة الدول على تقليل انبعاثاتها والتكيف مع التأثيرات المناخية. وقد خرج المؤتمر بعدة توصيات، أبرزها:
– زيادة التمويل المناخي إلى 1.3 تريليون دولار سنويا بحلول سنة 2030.
– تعزيز صندوق الخسائر والأضرار لدعم الدول الأكثر تضررا من الظواهر المناخية القاسية.
– دعم مشاريع الطاقة النظيفة وتسريع التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون.
مشاركة المغرب في مؤتمر الأطراف 29
شارك المغرب بفعالية في مؤتمر COP29، وحقق إنجازات مهمة، منها:
– تحقيق مرتبة متقدمة في الأداء المناخي : احتل المغرب المرتبة الثامنة عالميا في مؤشر الأداء المناخي لسنة 2025، مما يعكس جهوده في الحد من الانبعاثات وتعزيز استخدام الطاقات المتجددة.
– شراكات استراتيجية : وقع المغرب اتفاقية تعاون مع البنك الياباني للتعاون الدولي (JBIC) لتعزيز مشاريع الطاقة المتجددة.
– التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة (IEA): أبرم المغرب برنامجا مشتركا لتعزيز الابتكار في الطاقات النظيفة والانتقال الطاقي المستدام.
يعتبر مؤتمر الأطراف منصة رئيسية لمناقشة وتنسيق الجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ. ورغم الإنجازات التي تحققت على مدار السنوات. لا يزال المؤتمر يواجه تحديات تتعلق بتمويل المناخ وسرعة تنفيذ الالتزامات. في النسخة الأخيرة، ركز المؤتمر على تعزيز التمويل المناخي ودعم الدول المتضررة، فيما واصل المغرب أداءه القوي من خلال مشاريعه الطموحة في الطاقات المتجددة.
