قدمت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي ، اليوم الثلاثاء 5 نونبر 2024، مشروع الميزانية الفرعية للوزارة لسنة 2025 أمام مجلس النواب، حيث كشفت عن خطة شاملة تهدف إلى تعزيز الانتقال الطاقي وتحقيق التنمية المستدامة في المغرب. كما يعكس هذا المشروع التوجه الاستراتيجي للوزارة نحو تنفيذ إصلاحات هيكلية تدعم تحول المغرب نحو الطاقات النظيفة، وتقليل الأثر البيئي، وتعزيز مرونة القطاعات الحيوية.
يستند المشروع إلى عدة محاور رئيسية تغطي الاستدامة البيئية، التحول الطاقي، الشراكات الدولية، والبنية التحتية، كما أنه يسلط الضوء على مبادرات مبتكرة لتحفيز الاستثمار في الطاقات المتجددة، وتشجيع الاقتصاد الدائري، وتنظيم قطاع الطاقة بما يحقق رؤية المغرب للتنمية المستدامة؛ ويمكن تقسيم أهم ما جاء في التقرير إلى:
أولا: الإطار الاستراتيجي
يرتكز مشروع الميزانية الفرعية على إطار استراتيجي شامل يسعى إلى تعزيز الاستدامة في مختلف القطاعات، خاصة في مجالات الأمن المائي والغذائي وتوفير الخدمات الأساسية مثل النقل، الصحة، والتعليم، كما يمثل هذا الإطار جزءا من رؤية الوزارة لتحقيق تحول شامل ومستدام، حيث يركز على دعم رأس المال البشري، وتوسيع نطاق الرقمنة، وتعزيز الابتكار والبحث والتطوير. وبغية ضمان مواءمة السياسات مع الاحتياجات المحلية، عملت الوزارة على إشراك المواطنين والمجتمع المدني من خلال جلسات مشاورات جهوية ومسار تشاوري يشمل 12 جهة، مما يتيح تمثيلاواسعا ومشاركة فعالة في صنع القرار.
ثانيا: التحول الطاقي
يشكل التحول الطاقي محورا أساسيا في المشروع، حيث تسعى الوزارة إلى تحقيق أهداف طموحة في مجال تقليل الكلفة الكربونية وضمان الأمن الطاقي للمملكة. ويرتكز التوجه الطاقي الجديد على زيادة الاعتماد على الطاقات المتجددة، بهدف تحقيق نسبة 52% من إجمالي الاستهلاك الطاقي الوطني بحلول سنة 2030. ومن أجل تحقيق ذلك، يتضمن المشروع دعم السياسات التشريعية والتنظيمية التي تشجع الاستثمارات الخاصة في الطاقات النظيفة، وتعزيز الإطار القانوني للإنتاج الذاتي للطاقة.
كما يشمل المشروع خططا طموحة لتطوير مشاريع توليد الطاقة النظيفة، حيث ستتم إضافة قدرة طاقية جديدة تبلغ 750 ميغاواط من مصادر متجددة، وقد تم التخطيط لتسريع تنفيذ مشروع نور للطاقة الشمسية في ميدلت، بالإضافة إلى تطوير شبكة النقل الكهربائي لتحسين إدماج الطاقات المتجددة في النظام الطاقي الوطني. وتعد هذه المبادرات خطوات حاسمة نحو تحقيق الأهداف الطاقية والاستجابة للطلب المتزايد على الكهرباء بطرق أكثر استدامة.
ثالثا: الإطار المؤسسي والقانوني
أشارت الوزيرة إلى أن تطوير البنية المؤسسية والقانونية يعد من أولويات الوزارة، حيث يهدف المشروع إلى تعزيز جاذبية الاستثمار وخلق بيئة تنظيمية تدعم التنمية المستدامة، ويتضمن المشروع أيضا هيكلة جديدة للوزارة تهدف إلى تحسين كفاءة قطاع الطاقة وجعله أكثر شفافية وجاذبية للاستثمارات الخاصة. وفي هذا الإطار تم إصدار قوانين جديدة تدعم الإنتاج الذاتي للطاقة، إلى جانب تبسيط إجراءات التراخيص بهدف تحسين وصول المستثمرين وتعزيز الشفافية.
ويشمل المشروع أيضا تطوير التشريعات التي تدعم الاقتصاد الدائري وإدارة النفايات، حيث تم الإعلان عن برامج لإدارة النفايات المنزلية وإنشاء مراكز فرز وتثمين النفايات، ومنه فالمشروع يهدف إلى تحفيز الاستثمارات في هذا المجال وإدماج مبادئ الاقتصاد الدائري في الاقتصاد الوطني، مما يعزز من كفاءة استخدام الموارد ويقلل من الأثر البيئي.
رابعا: التنمية المستدامة وإدارة النفايات
تعتبر التنمية المستدامة وإدارة النفايات من الأولويات الرئيسية في مشروع الميزانية، حيث تهدف الوزارة إلى تحقيق إدارة متكاملة ومستدامة للنفايات وتعزيز مبادئ الاقتصاد الدائري، وقد خصص المشروع تمويلا لتطوير مراكز فرز وتثمين النفايات، وإنشاء البنية التحتية اللازمة للتخلص من المكبات غير المراقبة، كما يتم تنفيذ مشاريع لإعادة تأهيل المواقع البيئية وتحسين ظروف العيش في المناطق المحيطة بها، مع الأخذ بعين الاعتبار أهداف تحسين جودة البيئة المعيشية.
وتعمل الوزارة أيضا على دعم مبادئ الاقتصاد الدائري في مختلف القطاعات، حيث يشمل ذلك تحفيز إعادة تدوير النفايات الصناعية مثل المعدات الإلكترونية، المركبات المنتهية الصلاحية، والزيوت المستعملة، حيث تعد هذه الجهود خطوة هامة نحو تقليل استهلاك الموارد الطبيعية والحفاظ على البيئة.
خامسا: التنوع البيولوجي والتغير المناخي
يقدم المشروع في إطار مواجهة التغيرات المناخية والحفاظ على التنوع البيولوجي، خططا لتعزيز برامج الرصد البيئي وتحديث البنية التحتية الخاصة بمراقبة الهواء وجودة المياه، كما تسعى الوزارة إلى استكمال وضع استراتيجية وطنية طويلة الأمد لخفض انبعاثات الكربون ومتابعة تنفيذ مساهمات المغرب المحددة وطنيا لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات.
يتضمن المشروع أيضا فيما يخص التنوع البيولوجي، خططا للحفاظ على الموارد الطبيعية، بما في ذلك تأهيل بعض المواقع البيئية وإنشاء حدائق ومناطق محمية. وهو ما يهدف إلى دعم الحياة البرية والحفاظ على التنوع البيولوجي في المغرب بما يتماشى مع الأهداف الدولية في هذا المجال.
سادسا: التعاون الدولي
أكدت الوزيرة في عرضها على أهمية تعزيز الشراكات الدولية كركيزة أساسية لدعم التنمية المستدامة بالمغرب، ويشمل المشروع برنامجا لتعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين، مثل الاتحاد الأوروبي، وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، والبنك الدولي، وذلك لتبادل الخبرات والموارد المالية لتنفيذ المشاريع البيئية. كما يتضمن المشروع اتفاقيات تعاون جديدة مع دول افريقية وعربية لتعزيز التكامل الإقليمي والتعاون في مجالات الطاقة والتنمية المستدامة.
سابعا: الميزانية
تبلغ الميزانية الفرعية للوزارة لسنة 2025 حوالي 785.292 مليون درهم، موزعة بين ميزانيتي التسيير والاستثمار، بحيث تشمل ميزانية التوزيع تخصيص 77% من الميزانية لميزانية التسيير لدعم البرامج والمشاريع الجارية، بينما يتم تخصيص 23% لميزانية الاستثمار لتمويل المشاريع الجديدة والمستقبلية. كما يتم توزيع التمويل لدعم المؤسسات التابعة للوزارة، مثل المختبر الوطني لرصد التلوث، ومركز الكفاءات للتغيرات المناخية، مما يساهم في تعزيز القدرات الوطنية لمواجهة التحديات البيئية.
يعتبر مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية المغرب في التحول إلى اقتصاد مستدام ومعتمد على الطاقات المتجددة، من خلال محاور الاستدامة والطاقة المتجددة، ودعم الاقتصاد الدائري، والشراكات الدولية، بحيث تسعى الوزارة إلى إرساء أسس تنموية متكاملة تضمن استدامة الموارد الطبيعية، وتدعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، كما يعكس هذا المشروع التزام المغرب بتحقيق الأهداف البيئية العالمية، ومواجهة تحديات التغير المناخي، ودعم الاقتصاد الأخضر لتحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة.