كوب 29.. في أذربيجان لم ينجح أحد

ECO1729 نوفمبر 2024
كوب 29.. في أذربيجان لم ينجح أحد
سوزي الجنيدى - نائب رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي

-هل يصبح ال300 مليار مثل المبلغ السابق الذي تم تخصيصه 100 مليار مجرد حبر علي ورق لا تلتزم به الدول الغنية؟

-الأمل في البرازيل 

-دور مصري واضح لمنع فشل المؤتمر

-الدول النامية تصف اتفاق باكو بأنه اهانة

-الهند.. الاتفاق خداع بصري

________________________

*لم ينجح أحد، كانت للأسف نتيجة المؤتمر الـ29 للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المعنية بالمناخ.

cop 29 الذي عقد في باكو عاصمة أذربيجان نيابة عن أوروبا الشرقية في الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر الحالي تحت شعار التضامن من أجل عالم أخضر، حيث لم تنجح الجهود من أجل الوصول إلى التزامات مادية قوية لتحقيق هدف تخفيض درجة حرارة الكرة الأرضية و الحد من الاحترار العالمي وإبقائه عند درجة 1.5 درجة مئوية بدلًا من 2 درجة و الذي من شأنه أن يقلل من التأثيرات الخطيرة على النظم البيئية وصحة الإنسان والحد من تفاقم حالة الطقس المتطرف، وارتفاع مستويات سطح البحر وتناقص الجليد البحري في القطب الشمالي، و لم ينص المؤتمر على أرقام واضحة أو خطط ملموسة واكتفى المؤتمر باتفاق تعهدت فيه الدول الغنية باستثمار 300 مليار دولار على الأقل سنويا لمكافحة تغير المناخ و تخفيض الانبعاثات الكربونية في العالم و التكيف مع الآثار البيئية في الدول النامية و توفير ما لا يقل عن 1،3 تريليون دولار حتى عام 2035 للدول الفقيرة لمساعدتها في مواجهة التغير المناخي، على أن يأتي ما لا يقل عن 300 مليار دولار بشكل رئيسي من الدول الصناعية لكن من دون تحديد الحصة الواجبة على الدول المتقدمة حتى 2035.

في حين وصفت الدول النامية، التي كانت تسعى للتوصل إلى اتفاق يتضمن تمويلا بأكثر من تريليون دولار من الدول الصناعية المتسببة في زيادة التلوث والانبعاثات الكربونية، الاتفاق بأنه «إهانة» وبأنه فشل في توفير الدعم الضروري الذي تحتاجه لمحاربة أزمة المناخ.

و يتركز هذا الالتزام المالي من جانب دول أوروبية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان ونيوزيلندا، تحت رعاية الأمم المتحدة، في زيادة القروض والمنح للدول النامية من 100 مليار إلى «300 مليار دولار على الأقل» سنويا حتى عام 2035، وتخصص تلك الأموال لمساعدة هذه الدول على التكيف مع الفيضانات وموجات الحر والجفاف وأيضا للاستثمار في الطاقات المنخفضة الكربون بدلا من تطوير اقتصاداتها عن طريق حرق الفحم والنفط كما فعلت الدول الغربية لأكثر من قرن.

واتفقت الدول أيضا على القواعد التي ستحكم سوق الكربون المدعوم من الأمم المتحدة، و ربما كان ذلك النتيجة الوحيدة الجيدة للمؤتمر حيث سيسهل تبادل اعتمادات الكربون لتحفيز الدول على خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والاستثمار في المشاريع الصديقة للمناخ و كانت الدول النامية و الفقيرة قد طلبت حد أدنى من 500 مليار إلى أكثر من تريليون لتحقيق تلك الأهداف، و سيبقي مبلغ 300 مليار مثل المبلغ السابق الذي كان قد تم تخصيصه و هو 100 مليار مجرد حبر علي ورق لا تلتزم به الدول الغنية عادة بالشكل المطلوب.

و يري البعض أن مؤتمرات التغير المناخي أصبحت مكان الحديث فقط بدون ضغوط حقيقية لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه خاصة من جانب الدول الصناعية الغنية و الدول البترولية في حين تتحمل دول جنوب الكرة الأرضية و التي لم تساهم في أزمة التغير المناخي معظم تداعيات الأزمة . ففي كل عام، تتحمل أفريقيا، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي تكلفة تفاقم تغيّر المناخ من حيث خراب البنية التحتية، وفشل المحاصيل، واختفاء الأراضي تحت سطح البحر، وتدمير سبل العيش، وفقدان الأرواح. كل ذلك بسبب استمرار دول الشمال في استخدام أساليب للنمو الاقتصادي قائم على الوقود الأحفوري الذي يزيد من الانبعاثات الكربونية و تلوث البيئة.

وبالتأكيد هناك العديد من الوعود المستمرة التي لم تتحقق من الدول الصناعية منذ بروتوكول كيوتو لعام 1993 مرورا باتفاق باريس في2015 من أجل خفض الانبعاثات و استمرار الكوارث المناخية وارتفاع درجة حرارة الأرض.

و قد مارس لوبي دول الوقود الأحفوري مثل البترول ضغوطا داخل أروقة المؤتمر في ظاهرة مستمرة داخل مؤتمرات التغير المناخي حتي لا يشير أي بيان ختامي صراحة إلى وقف استخراج الوقود الأحفوري بحلول عام 2050.

وكان مؤتمر التغير المناخي قد بدأ بأزمة عندما أعلنت الأرجنتين، ثاني أكبر دولة في أمريكا اللاتينية، انسحابها من محادثات المناخ العالمية في باكو الأمر الذي شكل مفاجأة بعد استدعاء المفاوضين الأرجنتينيين من قبل حكومة الرئيس خافيير مايلي، دون تقديم أي سبب للانسحاب، لكن بعض الوفود ووسائل الإعلام ربطت بين توجه الرئيس الأرجنتيني الذي سبق أن وصف أزمة المناخ بأنها «كذبة اشتراكية» وما كتبه مانويل أدورني، المتحدث باسم الرئيس الأمريكي المنتخب على موقع  حول تواصل ترامب مع الرئيس الأرجنتيني. وقد كرر ترامب سابقا وصف مؤتمرات المناخ بأنها «خدعة» و سبق أن انسحب من اتفاق باريس عندما كان رئيسا، و أعاد الرئيس الحالي جو بايدن الولايات المتحدة إلى الاتفاق، و كذلك رفضت وزيرة الانتقال البيئي الفرنسية أنييس بانييه روناشيه، المشاركة في المؤتمر ووصفته بأن نتائجه مخيبة للامال بعد الانتقادات التي وجهها رئيس أذربيجان – الدولة المستضيفة – لفرنسا في افتتاح المؤتمر متهماً باريس بارتكاب جرائم استعمارية.

وقدسارعت المجموعة الأفريقية بانتقاد الالتزام المالي ب 300 مليار دولار فقط ووصفته بـ”الضعيف جدا والمتأخر جدا”. في حين قالت ممثلة الوفد الهندي شاندني “رأينا في الجلسة الختامية للقمة بعد دقائق من التوقيع على الاتفاق، يؤسفني أن أقول إن هذه الوثيقة ليست أكثر من مجرد خداع بصري. وفي رأينا لن تعالج ضخامة التحدي الذي نواجهه جميعا”.

و كان المؤتمر قد شهد مناقشات مطولة و خلافات حادة استدعت تدخل عدة أطراف لإنقاده قبل إعلان فشله،÷و قد قام فريق التفاوض المصري برئاسة د. ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، بجهود كبيرة حيث تولت مع نظيرها الأسترالي كريس بوين التنسيق لمسارات التفاوض في ملف التمويل و ذلك نيابة عن رئاسة المؤتمر خاصة الجوانب السياسية عالية الصعوبة.

والجدير بالذكر أن مصر استضافت مؤتمر التغير المناخي فى شرم الشيخ cop 27 في 2022 حيث تم إقرار إنشاء صندوق الخسائر و الأضرار و قد كان لمصر ايضا دور ملحوظ في تقريب وجهات النظر في مؤتمر باكو و محاولة إنقاد المؤتمر من الفشل التام و عدم إصدار بيان ختامي بسبب الخلافات بين الدول الأعضاء ، حيث تلقى د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة اتصالًا هاتفيًا في 21 نوفمبر من Jeyhun Bayramov جايهن بايراموف وزير خارجية أذربيجان و تم تناول موضوع قمة تغير المناخ COP 29، حيث أشاد الوزير بايراموف بدعم مصر للرئاسة الأذربيجانية لخروج المؤتمر بنتائج ملموسة، وأوضح الوزير عبد العاطي أنه يجب التركيز على مسألة تمويل المناخ، وأيضاً مراعاة شواغل الدول النامية، والعمل على تحقيق هدف التحول الأخضر بشكل عادل. وتبادل الجانبان الرؤى بشأن مختلف الموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

و من ناحيته ذكر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، عقب نهاية المؤتمر إنه كان يأمل في أن يخرج المؤتمر باتفاق أكثر طموحا بشأن التمويل وتخفيف آثار تغير المناخ، «ليرتقي إلى نطاق التحدي الذي نواجهه» ولكنه قال إن الاتفاق الحالي يوفر أساسا للبناء عليه.

وشدد على ضرورة الوفاء، بشكل كامل وفي الوقت المحدد، بالاتفاق الذي توصل إليه المؤتمر، وقال: «التعهدات يجب أن تتحول بسرعة إلى أموال، ويتعين أن تجتمع الدول معا لضمان تحقيق الحد الأقصى لهذا الهدف الجديد».واكد الأمين العام للأمم المتحدة على عدة نقاط، منها أنه يجب على البلدان تقديم خطط عمل مناخية وطنية جديدة على مستوى الاقتصاد تتوافق مع حد ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة، قبل انعقاد مؤتمر الأطراف الـ 30 العام المقبل في البرازيل، مشددا على ضرورة أن تتولى مجموعة العشرين، التي تمثل أكبر الدول المسببة للانبعاثات، زمام القيادة.

و الجدير بالذكر أن مؤتمر التغير المناخي كان قد أشار إلى أن التمويل يهدف إلى مساعدة الدول النامية على تعزيز حماية المناخ والتكيف مع الآثار المدمرة للاحتباس الحراري، مثل الجفاف المتكرر والعواصف والفيضانات.

وتقوم الدول الصناعية في الوقت الراهن بجمع أكثر من 100 مليار دولار سنويا كمساعدات مناخية. ومع ذلك، فإنه وفقا لمجموعة مستقلة من خبراء تابعين للأمم المتحدة، فإن الحاجة للمساعدة الخارجية الآن تقدر بحوالي تريليون دولار سنويا حتى عام 2030، وربما تصل إلى 1،3 تريليون دولار بحلول عام 2035.

وفي مساهمات إضافية، ومن أجل الوصول إلى مبلغ 1،3 تريليون دولار سنويا، ينص الاتفاق على أن تقوم البنوك التنموية متعددة الأطراف بزيادة قروضها بشكل كبير أو إلغاء ديون الدول الفقيرة.

وعلاوة على ذلك، يجري تشجيع دول مانحة إضافية على المشاركة. وقد تم صياغة هذا النداء بشكل عام إلى درجة أن الناشطين المناخيين انتقدوا الخطة نظرا لعدم وجود جهة معينة مسؤولة عن الوصول إلى الهدف العالمي. كما أن دول مثل ألمانيا، مثل باقي الدول، ليست ملزمة بمبالغ محددة وفقا للقرار.

وفي النهاية، تم التوصل إلى تسوية، وبشكل جزئي لأن مصدر المبلغ بقيمة تريليون دولار لا يزال غير واضح تماما، وستستضيف البرازيل قمة المناخ المقبلة ( نيابة عن أمريكا اللاتينية) في عام 2025، و كذلك تطوعت الهند لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في عام 2028.

وكان مؤتمر باكو قد واجه على مدى أسبوعين خطر الفشل و تم تمديد أعماله لأكثر من 30 ساعة. وغادرت مجموعات كاملة من الدول المفاوضات مؤقتا قبل ساعات قليلة من موعد انتهائها، إلا أنه نجح في النهاية بالخروج باتفاق بعد تدخل دول مثل مصر وأستراليا.

من ناحيتها أشارت منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن مؤتمر المناخ 29 أصبح فرصة ضائعة لتحقيق العدالة المناخية في الجنوب العالمى و أن الإتفاق مخيب للآمال للغاية بشأن هدف التمويل المناخي بقيمة 300 مليار دولار أمريكي سنويًا بحلول عام 2035. ومعربة عن قلقها البالغ إزاء هذه النتيجة غير الكافية على الإطلاق، والتي لا ترقى إلى مستوى معالجة الحاجة الملحة للأزمة المناخية، مما يترك الدول المستضعفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والجنوب العالمي تتصارع مع أزمة مناخية متصاعدة في حين تعجز الدول المتقدمة الغنية عن تحمل مسؤولياتها.

____________________

*نشر بالأهرام العربي الخميس 28 نوفمبر 2024

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق