فيروس الخفاش.. حمضي يشدد على احترام البيئة لتفادي انتقال الأوبئة
“احترام البيئة والحفاظ على التوازن البيئي يلعبان دورا مهما في تقليل فرص انتقال الفيروسات بين الكائنات الحية”، هذا ما أكده الطيب حمضي، الباحث في السياسات الصحية، في حديثه لجريدة إيكو 17 حول اكتشاف فيروس خفاش جديد في الصين. وأوضح أن التدخل البشري في المواطن الطبيعية للحيوانات يزيد من مخاطر انتقال الفيروسات إلى الإنسان، مشددا على أهمية البحث العلمي واليقظة الوبائية في مواجهة أي تهديدات صحية محتملة.
حديث الدكتور حمضي، جاء على اخلفية اكتشاف باحثين صينيين فيروس خفاش جديد يسمى HKU5-CoV-2، قادر على دخول الخلايا البشرية باستخدام نفس المستقبل البروتيني ACE2 الذي يعتمد عليه فيروس كورونا المستجد. ورغم أن الفيروس أظهر في التجارب المخبرية قدرة على إصابة الخلايا البشرية في المختبر، إلا أنه لم يتم تسجيل أي حالة انتقال فعلية من الخفاش إلى الإنسان.
وأفاد الباحث في السياسات الصحية، في حوار مع الجريدة، أن الدراسة التي اكتشفت الفيروس، التي نشرت قبل أسبوعين وتناولها الإعلام خلال الأسبوع الأخير ليست بمقلقة.
ولفت الخبير نفسه، أن “الدراسة أشارت إلى أن بعض الفيروسات تمتلك مستقبلات خلوية تمكنها نظريا من الانتقال إلى الإنسان، لكن عمليا لا توجد أي حالة لانتقال الفيروس إلى الإنسان. الشيء الذي يستدعي البحث العلمي للتمكن من الاليات للتعامل مع الفيروس وتتبعه والاستعداد لأي طوارئ صحية محتملة. معتبرا أن هذا الأمر إيجابي، ولا يستدعي القلق أو الذعر”.
وأوضح، حمضي أن انتقال الفيروسات بين الكائنات الحية هو ظاهرة طبيعية تخضع لعدة عوامل بيئية وجينية، كما هو الحال مع فيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS) الذي ظهر في السعودية سنة2011، لكن، يضيف، رغم هذا التشابه، لم يتم حتى الآن تسجيل أي حالة انتقال فعلية لهذا الفيروس الجديد، مؤكدا مرة أخرى، أن الأمر لا يستدعي الهلع، بل يستوجب مزيدا من البحث والاستعداد الوقائي.
كما أشار الباحث في السياسات الصحية إلى أن هذا الفيروس حسب الخبراء ، هو واحد من مليون و سبعة مائة ألف فيروس في العالم التي نجهلها إلى يومنا هذا، وأن نصفهم أي ما يقارب 800000، من الناحية النظرية، لديهم القدرة على الانتقال إلى الإنسان في المستقبل ، مضيفا أن التقدم العلمي واليقظة الوبائية يسمحان بمراقبة هذه الفيروسات عن كثب واتخاذ الإجراءات المناسبة عند الحاجة، مما يقلل من فرص انتشارها بشكل واسع.
واسترسل حمضي أن الفيروسات لا تنتقل بسهولة من الحيوان إلى الإنسان إلا إذا توافرت ظروف بيئية وجينية معينة. وأوضح أن ما يعرف بـ “القفزة الفيروسية” يحدث بشكل نادر عندما تتغير الظروف بشكل يسمح للفيروس باختراق حاجز الأنواع، سواء من الحيوان إلى الإنسان أو من فصيلة حيوان إلى فصيلة أخرى.
وطمأن المتخصص ذاته، أن هذه العمليات قد تستغرق سنوات طويلة ، ولا تعني بالضرورة ظهور جائحة جديدة بين عشية وضحاها. وبالتالي يجب الاستعداد لكل الطوارئ المحتملة، عن طريق البحث العلمي للتمكن من التنبؤ بهذه الأنواع و طبيعتها قبل حدوث فرص انتقالها، مؤكدا أن أهم التدابير الوقائية تكمن أولا في احترام البيئة والحفاظ على التوازن البيئي اللذان يلعبان دورا مهما في تقليل فرص انتقال الفيروسات بين الكائنات الحية.
وفسر المتحدث نفسه، أن تقليل التدخل البشري في المواطن الطبيعية للحيوانات يساعد على الحد من احتمال انتقال الفيروسات إلى الإنسان.
وعلى صعيد آخر، شدد حمضي على ضرورة البحث العلمي والتخطيط الصحي، باعتبارهما مفتاح التعامل مع أي مخاطر محتملة، مؤكدا أن العالم أصبح أكثر استعدادا من أي وقت مضى لمواجهة التحديات الصحية المستقبلية بفضل التقدم في مجالات الطب والوبائيات.