تحتفي الأمم المتحدة، في الخامس عشر من ماي من كل سنة، باليوم العالمي للأسر، لتذكير العالم بأن الأسرة ليست مجرد نواة مجتمعية، بل حصن أمام التحديات العالمية. لكن احتفالية هذه السنة جاءت تدق ناقوس خطر: التغير المناخي يهدد وجود الأسر نفسها. فكيف تحول المناخ من قضية بيئية إلى تهديد مباشر للصحة والأمن الغذائي والمستقبل الاقتصادي لملايين العائلات؟
التغير المناخي: عدو الأسرة الخفي
تشير أحدث تقارير الأمم المتحدة لسنة 2025 إلى أن الظواهر المناخية المتطرفة، كالأعاصير والفيضانات والجفاف، تتسبب في نزوح أكثر من 25 مليون شخص سنويا، وفقا للمفوضية السامية للاجئين. والأسوأ أن 85% من النازحين بسبب المناخ هم من النساء والأطفال، ما يفكك الأسر ويعرضها لمخاطر العنف والفقر المدقع.
ولا تقتصر الكارثة على النزوح؛ فـ40% من الأسر التي تعتمد على الفلاحة في إفريقيا وآسيا فقدت أكثر من نصف محاصيلها بسبب تغير أنماط الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، وفقا لبرنامج الأغذية العالمي. وهوما يهدد الأمن الغذائي لحوالي 4 مليارات شخص يعتمدون على الزراعة التقليدية، بحسب منظمة الأغذية والزراعة .
أرقام صادمة تكشف عمق الأزمة
– 1.2 مليار شخص يعيشون في أحياء فقيرة، ويفتقر 3% من سكان العالم للمأوى تماما.
– 700 مليون أسرة معرضة لخطر الفقر المدقع بحلول 2030 إذا استمرت انبعاثات الكربون بمعدلها الحالي’ وفقا لتقرير البنك الدولي 2025.
– 50% من الأسر في دول الجنوب العالمي تعاني من انعدام الأمن المائي، وفقا لليونيسف.
التعليم والاقتصاد الدائري: أسلحة المواجهة
تركز الأمم المتحدة على تمكين الأسر عبر استراتيجيات ذكية، منها:
1. التعليم المناخي: دمج مفاهيم الاستدامة في المناهج الدراسية، كما فعلت اليابان التي أطلقت منصة رقمية سنة 2024 لتعليم الأطفال مهارات التكيف مع المناخ.
2. الاقتصاد الدائري: تشجيع الأسر على تقليل النفايات وإعادة التدوير. في النرويج، تحول 95% من النفايات البلاستيكية إلى موارد قابلة لإعادة الاستخدام بفضل مشاريع مجتمعية.
3. المبادرات المحلية: كتجربة المغرب، حيث تم تدريب 3 ملايين أسرة على تقنيات الري الذكية، مما قلل استهلاك المياه بنسبة 40%.
قصص نجاح: أسر تقود التغيير
– في الهند، حولت شبكة الأسر الخضراء 1000 قرية إلى الاعتماد الكامل على الطاقة المتجددة، مما خفض انبعاثات الكربون بنسبة 60%.
– في البرازيل، نجحت عائلات في حوض الأمازون في زراعة 500 ألف شجرة خلال سنتين، بدعم من منظمات محلية.
الأسرة.. خط الدفاع الأول
لم يعد العمل المناخي، اليوم، مسؤولية الحكومات وحدها، بل أصبحت كل أسرة جبهة في هذه المعركة. كما يقول الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش: “عندما تعلم أسرة طفلها ترشيد الاستهلاك، أو تزرع شجرة، أو تختار منتجا صديقا للبيئة، فهي تساهم في إنقاذ الكوكب”.