عواصف ثلجية عنيفة تضرب عدة دول وتؤثر على حياة الملايين

ECO1722 فبراير 2025
عواصف ثلجية عنيفة تضرب عدة دول وتؤثر على حياة الملايين
أميمة أخي

في الأسابيع الأخيرة، اجتاحت عدة دول حول العالم عواصف ثلجية شديدة، شملت كل من الولايات المتحدة وكندا وتركيا وإيران، هذه العواصف تسببت في خسائر بشرية ومادية ضخمة، حيث راح ضحيتها العديد من الأشخاص، بالإضافة إلى تأثيرات اقتصادية واجتماعية كبيرة.

يعود تزايد وتيرة هذه العواصف بشكل رئيسي إلى التأثيرات المستمرة لتغير المناخ، الذي يساهم في تغيير أنماط الطقس على مستوى العالم، ففي السنوات الأخيرة، ارتفعت درجات الحرارة العالمية بشكل ملحوظ، وهو ما أثر بدوره على توازن النظام المناخي.

في ما يلي سنعرض تحليلا لمعطيات صادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) في تقاريرها المتعلقة بتغير المناخ؛

تأثير تغير المناخ على الطقس الشتوي

تتسبب زيادة درجات الحرارة العالمية في العديد من التأثيرات المناخية التي تؤدي إلى تغيرات في النمط العام للأحوال الجوية، بما في ذلك زيادة الرطوبة في الغلاف الجوي. هذه الزيادة في الرطوبة هي نتيجة مباشرة لارتفاع درجات حرارة المحيطات، حيث تعمل المياه الدافئة على تبخير المزيد من المياه، مما يزيد من كمية بخار الماء في الهواء.

ووفقا للتقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، يعد هذا البخار عاملا رئيسيا في تعزيز ظواهر الطقس القاسية، مثل العواصف الثلجية المكثفة، خاصة عندما يتقابل الهواء الرطب مع جبهات هوائية باردة، حيث تؤدي هذه الظاهرة إلى تساقط كميات أكبر من الثلوج في مناطق لم تشهد هذه الكميات من قبل، حتى في المناطق التي كانت تعرف باعتدال مناخها.

وتسهم زيادة الرطوبة في الغلاف الجوي أيضا في تعزيز تأثيرات العواصف الثلجية، حيث يعتبر التقرير الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) أن هذا الارتفاع في الرطوبة يمكن أن يساهم في زيادة سرعة تكوين العواصف الثلجية وزيادة شدتها في مناطق متعددة حول العالم، بما في ذلك بعض المناطق التي لم تكن تتأثر بالعواصف الثلجية بشكل كبير في الماضي. وبذلك، تؤكد تقارير IPCC على أن تغير المناخ يسهم في زيادة وتيرة وشدة العواصف الثلجية، ما يؤدي إلى تزايد تأثيراتها في مناطق لم تكن مهيأة للتعامل مع هذه الظواهر، وهو ما يعكس الحاجة إلى تعديل استراتيجيات التأقلم مع هذه التغيرات المناخية المتسارعة .

العوامل المؤثرة في العواصف الثلجية

من بين العوامل الجوهرية التي تسهم في زيادة شدة العواصف الثلجية، يعد التحول في حركة التيارات الهوائية العليا، وعلى رأسها التيار النفاث، من أبرز الأسباب التي تؤثر في الطقس الشتوي، أن التغيرات في هذه التيارات قد تؤدي إلى تمدد الكتل الهوائية الباردة إلى مناطق لم تكن معتادة على مثل هذه الظروف القاسية، مما يساهم في حدوث عواصف ثلجية شديدة وغير معتادة في مناطق قد تكون دافئة نسبيا.

ويعتبر التيار النفاث، الذي يتكون من رياح قوية تمر عبر الطبقات العليا من الغلاف الجوي، عنصرا محوريا في تحديد نمط الطقس. وعند حدوث اضطراب في حركة هذا التيار، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تغييرات كبيرة في نمط الطقس الشتوي، بحيث تصل الكتل الهوائية الباردة إلى مناطق بعيدة عن القطبين.

كما أظهرت دراسات أن هذا الاضطراب في التيار النفاث قد يرتبط ارتباطا وثيقا بارتفاع درجات الحرارة العالمية، وهو ما يعزز من شدة الظواهر الجوية المتطرفة مثل العواصف الثلجية.

وتؤكد التقارير الأخيرة من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) أن التغيرات في التيارات الجوية العليا أصبحت أكثر وضوحًا في السنوات الأخيرة، مما يساهم في تزايد الفترات الباردة والموجات الثلجية في مناطق كانت تعاني من ظروف جوية أكثر اعتدالا. هذا التحول في نمط الطقس نتيجة لتغير المناخ يتطلب اهتماما أكبر بتحليل اتجاهات هذه الظواهر والتخطيط لها لتقليل الأضرار الناجمة عنها.

تحليل تأثيرات العواصف الثلجية على الدول المتأثرة

في الولايات المتحدة وكندا، تسببت العواصف الثلجية الأخيرة في أضرار بالغة على الصعيدين البشري والمادي، حيث لقي عدة أشخاص حتفهم جراء حوادث ناجمة عن الطقس القاسي، بينما تم قطع التيار الكهربائي عن آلاف المنازل، ما أدى إلى حدوث اضطرابات كبيرة في الحياة اليومية، وحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، يمكن إرجاع شدة هذه العواصف إلى التغيرات المناخية التي تزيد من وتيرة الظواهر الجوية المتطرفة مثل العواصف الثلجية، والتي تتسبب في تدمير البنية التحتية، بما في ذلك شبكات الكهرباء ووسائل النقل.

في تركيا وإيران، أسفرت العواصف الثلجية عن إغلاق العديد من الطرق الجبلية، مما أدى إلى عزل مناطق بأكملها عن المدن الكبرى، وهو ما يعكس تحديا كبيرا للسلطات المحلية في استعادة الاتصال بالقرى المتضررة، وهذه الأحداث تحذر من أن تغير المناخ سيؤدي إلى زيادة تواتر مثل هذه العواصف القاسية، مما يزيد من هشاشة البنية التحتية في المناطق النائية.

ووفقا لتوقعات خبراء المناخ، من المرجح أن تستمر هذه الظواهر في التفاقم مع استمرار الاحتباس الحراري، ما يثير قلقا بشأن التكرار المحتمل لهذه العواصف في المستقبل. هذه التأثيرات قد تكون أكثر تدميرا في حال حدوثها بشكل متكرر، مما يتطلب تكثيف جهود التكيف والاستعداد من قبل الحكومات والمجتمعات المحلية لتقليل الأضرار الناجمة عن هذه الكوارث.

الآثار المستقبلية والعواقب الاقتصادية

الآثار الاقتصادية المستقبلية للعواصف الثلجية الناتجة عن تغير المناخ تشكل تهديدا واضحا للعديد من المناطق، خاصة في البلدان التي تفتقر إلى بنية تحتية مرنة كالمناطق الريفية، حيث أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية يؤدي إلى تزايد الظواهر الجوية المتطرفة، بما في ذلك العواصف الثلجية الأكثر شدة، مما يعزز من تعطل البنية التحتية ويزيد من تكاليف الإصلاحات بعد حدوث الكوارث​.

ويتمثل أحد الأبعاد الأساسية لتأثير هذه العواصف في الأضرار الاقتصادية الكبيرة التي تنجم عن تعطل حركة النقل، مثل تعطيل الرحلات الجوية وحركة القطارات، بالإضافة إلى التأثيرات المباشرة على قطاع السياحة الذي يعتمد على الظروف الجوية المعتدلة، كما تؤدي هذه العواصف إلى زيادة الطلب على خدمات الطوارئ، مما يضع ضغطا إضافيا على الموارد الاقتصادية، خاصة في البلدان التي لا تمتلك القدرة على التعامل مع هذه الأزمات بشكل فعال.

من جهة أخرى، يزيد التغير المناخي من تعرض المناطق المعرضة للطقس القاسي إلى مزيد من الضعف، حيث أن المناطق ذات الطابع الريفي، التي لا تمتلك شبكة نقل قوية أو خدمات طبية متقدمة، تصبح أكثر عرضة للاضطرابات، ووفقا لتقارير IPCC، فإن قدرة هذه المناطق على التكيف مع هذه الظواهر ستصبح أكثر محدودية مع استمرار التغيرات المناخية، مما يتطلب استثمارا أكبر في تحسين البنية التحتية وتقوية استعداداتها لمواجهة مثل هذه التحديات​

التوصيات والنتائج المستقبلية

استنادا إلى هذه التحليلات الصادرة عن منظمات دولية مختصة في المجال، يتضح أن هناك حاجة ملحة لتطوير استراتيجيات للتكيف مع آثار تغير المناخ، يجب معها على الحكومات وضع خطط استجابة للطوارئ لمواجهة العواصف الثلجية، مع التركيز على تقوية البنية التحتية وتعزيز قدرات أنظمة الإنذار المبكر.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق