يعد واد سبو من الأنهار الأساسية في المغرب، حيث يمر عبر مدينة القنيطرة قبل أن يصب في المحيط الأطلسي. في السنوات الأخيرة، تعرض هذا النهر لتلوث بيئي شديد نتيجة لتدفق النفايات السائلة والصناعية، إضافة إلى تراكم النفايات على ضفافه. هذا التلوث أسهم في تدهور جودة المياه وأثر سلبًا على البيئة المحلية وصحة السكان. تشير الدراسات إلى ارتفاع مستويات الملوثات الكيميائية التي تهدد الحياة المائية والنشاط الزراعي المعتمد على مياه واد سبو. وبناءً على ذلك، يصبح من الضروري البحث في مكونات عصارة النفايات ومدى خطورتها، وكذلك حالة واد سبو حاليا وكيفية تعامل الدولة مع تلوثه.
واد سبو: ضحية لمطرح النفايات باولاد برجال
لمعرفة مدى تأثير عصارة النفايات على نهر سبو قمنا بزيارة ميدانية لمطرح النفايات بأولاد برجال حيث كشفت لنا الوقائع على الأرض عن كارثة بيئية بكل المقاييس ضحيتها أحد أهم الموارد الحيوية المائية واد سبو . السيد محمد أمين رواسي، رئيس قسم البيئة و التنمية المستدامة بجماعة القنيطرة ، أكد أن الموقع يعمل منذ 15 سنة فوق طاقته الاستيعابية، حيث يتجاوز حجم النفايات اليومي 500 طن، بينما صمم الموقع أصًلا لاستيعاب 200 طن فقط.
وتشير بعض التقارير إلى أن : “الميزانية المخصصة لإعادة التأهيل بقيمة 27 مليون درهم ظلت حبيسة الأدراج بسبب تعقيدات بيروقراطية”
عصارة النفايات مكوناتها وخطورتها:
تعرف عصارة النفايات علميًا بأنها السائل السام الناتج عن تحلل النفايات واختلاطها بمياه الأمطار، حيث تتسرب عبر طبقات الأرص حاملًة معها تركيزات عالية من المواد الكيميائية القاتلة. وفي حالة مطرح أولاد برجال بالقنيطرة، تحولت هذه العصارة إلى قنبلة بيئية حقيقية، حيث كشفت تحاليل المختبر الوطني للدراسات البيئية (2023 )عن تركيزات عالية من السموم، أهمها الكروم السداسي الذي بلغ 7.48 ملغ.
هذه الحقائق تجعل من عصارة أولاد برجال ليست مجرد ملوث عادي، بل جريمة بيئية وصحية متواصلة، تهدد حاضر ومستقبل المنطقة.
أضرار العصارة السامة على واد سبو:
مطرح أولاد برجال بالقرب من واد سبو: كارثة بيئية متكاملة الأبعاد
تشكل العصارة السامة المتدفقة من مطرح أولاد برجال تهديدًا وجوديًا لوادي سبو، إذ تتخذ مسارًا مدمرًا يبدأ من برك التجميع غير المعزولة في المطرح، لتنتهي في المجرى المائي عبر ثلاث قنوات رئيسية. التحاليل الحديثة (2024 (تكشف أن 65 %من تلوث الوادي يعزى مباشرًة لهذه العصارة، التي تحتوي على تركيزات خيالية من الكروم السداسي (7.48 ملغ/لتر) والرصاص (3.12 ملغ/لتر)، ما حول الوادي من مصدر للحياة الى ناقل للامراض الخطيرة.
ما هي جهود الدولة للحفاظ على جودة مياه سبو ؟
أفاد السيد محمد أمين رواسي بتحول مطرح النفايات من مطرح عشوائي الى مطرح مراقب في السنوات الاخيرة حيث يتم العمل بصناديق يتم حفرها لاستقبال النفايات ويتم وضع غشاء بلاستيكي يسمى (G-Membrane لمنع تسرب العصارة للأسفل و التي تتجه مباشرة إلى الأحواض المخصصة لها للتبخر و بعد امتلاء الصندوق بالنفايات يتم تغطيتها بطبقة من التربة و الحصى لحصر الروائح الكريهة.
لكن رغم كل الجهود التي تقوم بها المصلحة ما زال الخطر يهدد واد سبو بحيث تتسرب هذه العصارة في حالة التساقطات المطرية عند ارتفاع مستوى المياه.
كما تم الإعلان عن مشروع مركز تثمين وطمر النفايات كخطوة متقدمة نحو تدبير عصري ومستدام للنفايات، بهدف الحد من التلوث وتحويل النفايات إلى موارد قابلة لإعادة التدوير والطاقة. المشروع كان من المفترض أن يتضمن وحدات لمعالجة العصارة السامة للنفايات، وأخرى لاستخراج الغاز الحيوي وإنتاج الطاقة، بالإضافة إلى مراكز لفرز النفايات القابلة لإعادة التدوير.
ولتسهيل إنجازه، قدمت وزارة الداخلية دعما ماليا بقيمة 240 مليون درهم، وهو مبلغ كان يفترض أن يساهم في تقليل كلفة تدبير النفايات على الجماعة، ويضمن تنفيذ المشروع في آجاله المحددة. إلا أن الواقع كان مغايراً، حيث عوضًا عن رؤية المشروع وهو يتحقق على أرض الواقع، بدأ مسار طويل من التعديلات المستمرة على الاتفاقية الخاصة به، والتي تجاوزت 12 تعديلاً خلال ثلاث سنوات فقط.
كان من المفترض أن يضع مشروع مركز التثمين والطمر حدا لهذه الأزمة البيئية، عبر إنشاء وحدات حديثة لمعالجة النفايات بشكل آمن وصحي. لكن تأخر التنفيذ جعل المدينة تستمر في تحمل أعباء المطرح العشوائي، ما يجعل التأخير في تنفيذ المشروع ليس مجرد فشل إداري، بل تهديدًا مباشرًا للصحة العامة.
الحلول المقترحة لحماية واد سبو :
لحماية واد سبو من عصارة النفايات (ليكسيفيا)، يمكن اعتماد مجموعة من الحلول البيئية التي تساهم في الحد من تلوثه وضمان استدامته كمورد مائي :
. التحكم في مصادر التلوث.
. معالجة العصارة في المطرح قبل تصريفيها.
. فرز النفايات قبل وصولها الى المطرح.
. إعادة تدوير النفايات .
. التغطية اليومية للنفايات.
. التوعية والمشاركة المجتمعية.
في الختام:
يظل واد سبو رمزا للأنهار التي تعاني في صمت. فالعصارة السامة للنفايات تلوث مياهه، و تمثل تهديدا خطيرا ليس فقط للبيئة المحلية، بل أيضا للصحة العامة والموارد المائية في المنطقة.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها بعض الجهات المعنية، فإن القضاء على هذه المشكلة يتطلب تعاونا جادا بين السلطات القطاعات، والمجتمع المدني و من المهم أن نعمل جميعا على حماية هذه الثروة المائية التي تشكل جزءا أساسيا من حياة ملايين المواطنين.