عزيزة غلام.. قيادية رائعة تنسج آمال الآخرين في مواجهة صعوبات الإنجاب

ECO179 مارس 2025
عزيزة غلام.. حالمة بالأمومة تنسج آمال الآخرين في مواجهة صعوبات الإنجاب
هند الصدقي- نقلا عن وكالة المغرب العربي للأنباء

لم تكن تتصور عزيزة غلام، وهي تسعى خلف تحقيق حلم الأمومة، أنها ستصبح بلسما للعديد من الأزواج الذين يعانون صعوبات في الإنجاب وسببا في تقديم التوجيه اللازم لكثيرين منهم من أجل العلاج.

ورغم عدم نجاح محاولاتها الشخصية في الإنجاب، إلا أنها اختارت تحويل تجربتها الخاصة إلى رسالة إنسانية وفتح نافذة أمل لمن يعيشون نفس التجربة. وفي هذا السياق، جاءت فكرة إنشائها الجمعية المغربية للحالمين بالأمومة والأبوة MAPA؛ التي انطلقت من منشور على مواقع التواصل الاجتماعي أعلنت فيه بوضوح أنها تعاني مشاكل في الانجاب ورغبتها في خوض تجربة إنشاء جمعية تكون فضاء داعما لهذه الفئة في المغرب.

ولأنها انخرطت في المجال بناء على تجربتها الشخصية، وواجهت التحديات النفسية والاجتماعية المرتبطة بذلك؛ كرست عزيزة غلام حياتها لدعم الأزواج الذين يواجهون نفس المعاناة.

وقد منحتها تجربتها الإصرار أكثر من أجل العمل على تغيير واقع عدم توفر فضاءات لهؤلاء الأزواج يمكنهم فيها مشاركة معاناتهم وتلقي الدعم اللازم، لأن مواكبتهم بالنسبة لها ليس مجرد نشاط جمعوي بل هو نابع من “استشعارها حجم الفراغ الذي يعيشه هؤلاء الأزواج” كما تقول.

ومنذ تأسيسها سنة 2012، استطاعت الجمعية المغربية للحالمين بالأمومة والأبوة، تقديم دعم متواصل للأزواج الذين يعانون صعوبات في الإنجاب، ليس فقط عبر الاستشارة والتوجيه الطبي، بل من خلال عدة مبادرات أخرى تشمل حملات توعوية تسلط الضوء على ضعف الخصوبة في المغرب، ومجموعات الدعم النفسي للأعضاء، وتخفيضات مالية في إطار شراكات الجمعية مع الأطباء والمراكز المتخصصة.

وفي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء حول تجربتها، أكدت عزيزة غلام، أن قيادة جمعية تنشط في مجال حساس مثل الخصوبة كان تحديا كبيرا، خصوصا أن المجتمع لا يزال يتعامل مع ضعف الخصوبة بنوع من الصمت.

وأضافت أن تجربتها الشخصية منحتها قوة وإصرارا في محاولة تغيير هذا الواقع، “إذ كان لا بد من العمل بإرادة قوية لمواجهة الصعوبات، سواء من حيث إقناع الناس بجدية القضية، أو التفاوض مع الجهات المسؤولة، أو حتى التعامل مع التحديات المجتمعية التي تواجه النساء وأيضا في قيادة حملات للترافع واللقاء بمسؤولين لإقناعهم بعدالة هذا الملف”.

لم تكن عزيزة لتكتفي في تجربتها الجمعوية والشخصية بأن تكون الأنشطة التي تقوم بها مغلقة وكلاما بدون صدى، فهي دائمة النضال من أجل إيصال صوت الأزواج الذين يعانون من مشاكل الإنجاب والدفاع عن حقوق هذه الفئة في الرعاية الصحية والدعم النفسي والاجتماعي، وتوفير تسهيلات تهم علاجات الخصوبة والاعتراف بالعقم كمرض كسائر الأمراض.

وعند سؤالها حول الصعوبات التي واجهتها في هذا الإطار، أكدت أن أبرز التحديات كانت الدفع بهذا الملف بسرعة فائقة توازي السرعة التي تضمر معها القدرات الإنجابية لدى الأزواج في وضعية ضعف الخصوبة.

ورغم التحديات، تضيف السيدة غلام قائلة “كسبت ثقة المسؤولين الذين تواصلت معهم، والذين رافقوني في هذه الرحلة من خلال التفكير التشاركي سواء خلال فترة مناقشة اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 47.14 اﻟﻣﺗﻌﻟق ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟطﺑﯾﺔ ﻋﻟﯽ اﻹنجاب، أو تجاوبهم مع الندوات الوطنية والدولية المنظمة من قبلنا من أجل فتح النقاش حول جوانب حساسة ودقيقة في ملف الحالمين بالأمومة والأبوة”.

كما أكدت السيدة غلام أنها حظيت باحترام الفاعلين في القطاع بعد الاستجابة لمطلب التعويض عن الأدوية، معتبرة أنها “كانت محطة مهمة وإيجابية أيضا في مسيرتنا الترافعية، إلا أن الإشكال المطروح حاليا، هو بطء إخراج التعويض الصحي الشامل، لأن التعويض عن لائحة من الأدوية لا يعد كاملا في مسار العلاج لأجل الإنجاب”.

وفي هذا الصدد، أشارت إلى أنها تواصل العمل على تجاوز هذه الصعوبات بالإصرار، والتواصل المستمر مع المختصين والجهات المسؤولة، وإثبات أهمية القضية من خلال قصص النجاح التي حققتها الجمعية في دعم الأزواج.

تفاني عزيزة غلام في احتضان ودعم الأسر الحالمة بالإنجاب يؤكده أعضاء الجمعية الذين كانت لهم تجارب خاصة معها، وفي بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عبر الزوجان نجاة ومحمد عن تقديرهما لدور الجمعية، مؤكدين أن تعرفهما على السيدة غلام كان علامة فارقة في تأطيرهما كأسرة بالنصح والإرشاد وحضور كل الملتقيات والندوات التي دأبت الجمعية على تنظيمها.

وتابع الزوجان بالقول إن “عزيزة غلام كرست حياتها العملية والشخصية والاجتماعية في سبيل تحقيق المطالب المشروعة للعوائل المحرومة من الإنجاب؛ حيث كانت سباقة إلى دق ناقوس الانتباه لهذه الفئة من المجتمع”.

وأكدت السيدة نجاة وزوجها محمد أن “الدعم والاحتضان الذي وجداه داخل الجمعية لم يقتصر على الإرشاد والتوجيه، بل أسس لعلاقة وجدانية وطيدة؛ سواء مع الجمعية باعتبارها بيتهما الثاني، أو مع رئيستها عزيزة غلام التي أصبحت بنضالها نبراسا وقدوة لكل الأسر المحرومة من الإنجاب”.

وفي تصريح مماثل، استذكرت رجاء، وهي عضوة بالجمعية، تجربتها مع السيدة غلام ولقاءها الأول بها بتأثر قائلة : “في لحظة من الإنهاك النفسي والمعاناة، بعد سبع سنوات من الانتظار والرجاء، شاءت الأقدار أن تقودني إلى السيدة عزيزة غلام، التي لم تكن مجرد رئيسة للجمعية، بل قلبا يضخ الأمل ويدا ممتدة بالاحتضان”.

وأوضحت رجاء أن قصتها مع الجمعية بدأت سنة 2016 بعدما تابعت مداخلة لعزيزة غلام خلال برنامج تلفزي، مضيفة أنها “ذهبت إليها مثقلة بالكثير من الأسئلة، خصوصا أنني كنت محاطة بالأحكام المجتمعية والتصورات رغم أن زوجي هو من كان يعاني من مشاكل في الإنجاب، لكن عندما قابلتها احتضنتني ومنحتني الشعور بالأمان بعد حوار دافئ معها”.

ووصفت السيدة نجاة عزيزة غلام بـالقيادية الرائعة التي تتسم بحس إنساني عال والكثير من البراءة والهدوء في طريقة حديثها وترافعها عن الأسر الحالمة بالإنجاب، مضيفة “نلمس دوما في مداخلاتها خلال اللقاءات الوطنية والندوات أنها تتحدث بصوتنا وتعبر عما لا نستطيع البوح به، واستطاعت أن تجعل من قصصنا قضية تستحق الاهتمام”.

وخلصت إلى أن “عزيزة غلام أحدثت فرقا كبيرا في حياتنا، وساعدتني على تجاوز كل صعاب مساري نحو تحقيق حلم الأمومة، وبفضلها وجدت التوجيه اللازم للعلاج”، مضيفة “أنا اليوم أم لطفل، كلما تأملت فيه تذكرت السيدة عزيزة غلام التي أعتبرها أما له أيضا”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق