تشهد مدينة فيلادلفيا تهديدا متزايدا لمصدرها الرئيسي لمياه الشرب، حيث تتقدم المياه المالحة من المحيط نحو نهر ديلاوير، الذي يعد شريان حياة لملايين السكان. ويرجع هذا الزحف المقلق إلى تضافر عوامل بيئية أبرزها الجفاف وارتفاع مستوى سطح البحر الناتجين عن أزمة المناخ العالمية، مما دفع السلطات إلى اتخاذ تدابير عاجلة للحفاظ على نوعية المياه.
و بدأ المسؤولون في الاستفادة من الخزانات لدفع المد المالح بعيدا عن المناطق التي تستخرج منها مياه الشرب، ورغم تأكيدهم على أن مياه الشرب ليست مهددة بشكل فوري، إلا أنهم يراقبون الوضع عن كثب ويبحثون عن حلول استراتيجية طويلة الأمد لمواجهة التحديات المتزايدة التي قد يفرضها تفاقم الجفاف.
و يشكل نهر ديلاوير، الذي يمتد عبر عدة ولايات، مصدرا أساسيا للمياه العذبة لمدينة فيلادلفيا وضواحيها، ومع التغيرات المناخية المستمرة، يواجه هذا المصدر ضغوطا متزايدة، حيث يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى دفع المياه المالحة إلى أعلى النهر، ما يجعل المياه غير صالحة للشرب أو الاستخدام الزراعي والصناعي.
و تعكس هذه الأزمة جانبا من الآثار الواسعة لأزمة المناخ على الموارد الطبيعية، خصوصا في المناطق الساحلية. ويشير خبراء المياه إلى أن ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الجفاف يؤثران بشكل مباشر على تدفق الأنهار، مما يضع مناطق مثل فيلادلفيا أمام تحديات غير مسبوقة تتطلب استجابة مرنة ومبتكرة.
وفي ظل هذه التهديدات، تدرس السلطات المحلية مجموعة من الخيارات التي تشمل تحسين إدارة الموارد المائية، بناء سدود أو حواجز للتحكم في تدفق المياه المالحة، وزيادة الاعتماد على تقنيات تحلية المياه لتعويض النقص في المياه العذبة.
و تعد هذه الأزمة تحذيرا واضحا حول الحاجة الملحة لتبني سياسات مناخية أكثر فعالية على المستوى المحلي والدولي، ومع استمرار تفاقم التغيرات المناخية، يصبح من الضروري تعزيز الاستثمارات في البنية التحتية المائية والتخطيط الاستراتيجي لضمان استدامة الموارد المائية للأجيال القادمة.