دراسة أكاديمية بسنغافورة..المغرب رائد في الزراعة التجديدية

ECO1726 يناير 2025
دراسة أكاديمية بسنغافورة..المغرب رائد في الزراعة التجديدية

كشفت دراسة أكاديمية قام بها مركز الدراسات الإفريقية بجامعة نانيانغ التكنولوجية بسنغافورة، بأن المغرب أصبح نموذجا رائدا للزراعة التجديدية في إفريقيا، ثاني أكثر القارات جفافا بعد أستراليا. وتشكل الأراضي الصحراوية مثل الصحراء الكبرى، التي تعادل مساحتها أكثر من ضعفي مساحة الاتحاد الأوروبي، وصحاري ناميب وكالاهاري، تحديات كبرى؛ حيث تشير منظمة الأغذية والزراعة إلى أن أكثر من 65% من الأراضي الأفريقية متدهورة، مع ازدياد التصحر نتيجة تغير المناخ.

تمكن الزراعة التجديدية المزارعين من زيادة إنتاج المحاصيل مع استخدام كميات أقل من المياه، إضافة إلى المساهمة في الحد من تغير المناخ. وتعد هذه الممارسة التي تشهد نموا عالميا وسيلة لتحسين كفاءة استخدام المياه، وزيادة الإنتاجية، وتعزيز احتجاز الكربون في التربة. تعتمد الزراعة التجديدية على مجموعة من الممارسات الزراعية، مثل الرعي المنظم والزراعة الحراجية، لإصلاح التربة المتدهورة عبر إحياء الميكروبيوم الطبيعي، وإعادة بناء المادة العضوية للتربة، والحفاظ على التنوع البيولوجي وتعزيز قدرة التربة على الاحتفاظ بالرطوبة.

بعكس الدول الغربية، التي تركز على تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة كهدف رئيسي للزراعة التجديدية، تهدف إفريقيا إلى تحسين صحة التربة لمكافحة منظمة الأغذية والزراعة وزيادة إنتاج المحاصيل. تأتي هذه الأولويات في سياق الحاجة الملحة لتعزيز الأمن الغذائي لنحو 290 مليون إفريقي يُتوقع أن يواجهوا الجوع المزمن بحلول 2030.

بينما تساهم الشركات الزراعية الآسيوية مثل “Olam Agri” في تعزيز الزراعة التجديدية بالقارة، يقدم المغرب حلولا مستدامة كفرصة مميزة للشراكات التي تستهدف تحقيق هذه الأهداف.

تلعب الزراعة دورا محوريا في النقاشات حول تغير المناخ، حيث تُعد الأنظمة الغذائية مسؤولة عن أكثر من ثلث انبعاثات الغازات الدفيئة عالميا، 66% منها ناجم عن الزراعة واستغلال الأراضي. وتشير منظمة الأغذية والزراعة بالتعاون مع مركز الأبحاث الأوروبي إلى أن الزراعة المكثفة الحديثة، عبر استخدام الآلات الثقيلة والأسمدة الكيميائية، تساهم في تدهور التربة وانبعاث الكربون المخزن فيها.

مع ذلك، فإن تبني الزراعة التجديدية قد يساعد في عكس هذا الوضع؛ حيث أظهرت الدراسات أن الأراضي المستصلحة بهذه الطريقة يمكنها امتصاص ما بين 2.6 إلى 13.6 جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا.

تعتبر الزراعة التجديدية أداة حاسمة لدول إفريقيا التي تسعى إلى تحسين إنتاجيتها الزراعية، خاصة وأن القطاع الزراعي يساهم بنسبة 30% من الناتج المحلي الإجمالي للقارة ويوفر فرص عمل لـحوالي 55% من سكانها. في هذا السياق، يلعب المغرب دورا رياديا، حيث تبنى تقنيات مبتكرة لتحسين التربة، مثل الزراعة بدون حرث.

من خلال برنامج “المثمر”، استطاع المغرب دعم أكثر من 4.000 مزارع وزيادة إنتاجية المحاصيل بنسبة 30% مع خفض التكاليف. كما أسست المملكة شركات مثل “توربة”، التي تعنى بالزراعة الكربونية، مما ساهم في تحسين ممارسات الزراعة على 25.000 هكتار داخل المغرب وخارجه، بهدف استصلاح 6 ملايين هكتار بحلول 2030.

حقق المغرب إنجازات كبيرة عبر خططه الزراعية مثل “مخطط المغرب الأخضر” و“الجيل الأخضر 2020-2030“، حيث نجح في زيادة قيمة الصادرات الزراعية بنسبة 117% وخلق مئات الآلاف من الوظائف. كما أصبحت المملكة واحدة من أبرز موردي المنتجات الزراعية لأوروبا، مع تطوير حلول مستدامة تلبي احتياجات الأسواق الإفريقية والآسيوية.

وأصبحت مجموعة OCP المغربية، بفضل دورها المحوري، رائدة عالميا في إنتاج الأسمدة، مع تحقيق إيرادات بلغت 9 مليارات دولار في سنة 2023. كما دعم المكتب الشريف للفوسفاط ممارسات الزراعة التجديدية محليا وإقليميا، مما يعزز الاستدامة في القطاع الزراعي.

وسعى المغرب، مع توسع شركات مثل “OCP Africa” في 16 دولة إفريقية، إلى تقديم حلول متكاملة، بدءًا من تطوير أسمدة مخصصة إلى بناء مصانع إنتاج مشتركة، مثل تلك التي تم إنشاؤها في نيجيريا وإثيوبيا.

الزراعة التجديدية ليست مجرد أداة بيئية، بل استراتيجية شاملة لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية المستدامة في المغرب وإفريقيا. ويعكس النجاح المغربي في هذا المجال نموذجا يحتذى به للتعاون الإقليمي والدولي، مما يعزز مكانة المملكة كشريك رئيسي في تعزيز الزراعة المستدامة عالميا.

المصدر ntu.edu.sg
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق