حان الوقت لتصنيف البرد القارس ضمن الكوارث الطبيعية

ECO1727 ديسمبر 2024
حان الوقت لتصنيف البرد القارس ضمن الكوارث الطبيعية
عبد المجيد بوشنفى

لمواجهة البرد القارس، ووضع حد للهجرة المناخية بالمغرب، ينبغي توفر إرادة سياسية حقيقية رؤية استراتيجية وطنية متكاملة ومستدامة.

يعرف المغرب هذه الأيام موجة البرد القارس التي لا تضر فقط بساكنة الجبل والمناطق النائية بل بفقراء المدن، ما يفرض استعدادات استباقية لمواجهة آثارها السلبية على الساكنة، خاصة الأسر في وضعية هشاشة التي تجد صعوبة في توفير حطب ووسائل التدفئة.

وحسب دراسات دولية ووطنية، فالمغرب يواجه تغيرات مناخية تجعله عرضة للكوارث الطبيعية الحادة كالجفاف والفيضانات، الزلازل، وندرة موارد المياه، إضافة إلى الانعكاسات المناخية على أوضاعه السوسيو اقتصادية.

ولعل الأمر الذي لم تنتبه إليه جل الدراسات والتقارير والأبحاث، ولا تصنفه ضمن الكوارث الطبيعية، والذي أصبح يؤثر بشكل كبير على الأوضاع العامة لمختلف البلدان خاصة الدول السائرة في طريق النمو، هو البرد القارس، الذي أصبح حالة عامة في السنوات الأخيرة، ويؤدي بشكل كبير إلى خسائر اقتصادية واجتماعية وبشرية.

وإذا كانت الدول المتقدمة، تجد صعوبة في مواجهته، إذ أن البرد القارس يؤدى بحياة عدد كبير من  الناس، ويعطل التنقل والتمدرس ومعهما الحركة الاقتصادية، رغم كل الإمكانات التي تتوفر عليها تلك الدول من بنيات تحتية متطورة وتكنولوجيا عالية ووسائل مادية متطورة.

فالأمر يزداد صعوبة، وأزمة خاصة في الدول الهشة، منها المغرب، إذ تنعدم البنيات التحتية اللازمة، والإمكانات الضرورية لإنقاد المواطنين خاصة الدين يسكنون في المناطق الجبلية النائية، و يئنون تحت وطأة البرد والجوع والمرض.

والغريب في الأمر، أن الجهات المسؤولة تعي الظروف اللاإنسانية التي يعاني منها سكان تلك المناطق ومعهم فقراء المدن كل فصل شتاء، إلا أنها عوض العمل على تحسين إطار العيش  و تجهيز تلك المناطق بالمرافق الاجتماعية الضرورية، وتأهيل الطرق لفك العزلة عنهم، تفضل  نهج “سياسة ترقيعية”.

حان الوقت لتجاوز سياسة الترقيع، بشن سياسة مجالية ترابية عادلة ، تراعي حاجيات السكان وتحفظ كرامتهم، فالأجيال تتغير، وسقف مطالبها يتحول.

نحو رؤية استراتيجية متكاملة مستدامة:

لمواجهة البرد القارس والجوع والمرض، ووضع حد للهجرة المناخية بالمغرب، ينبغي توفرا رادة سياسية حقيقية، وتوفر رؤية استراتيجية متكاملة ومستدامة :

ـ أن تضع الجماعات المحلية ( المجالس الجماعية والجهوية) برنامجا تنمويا مستداما بشراكة مع الدولة من اجل فك العزلة على سكان المناطق الجبلية، بتوفير بنيات تحتية كالطرق والمسالك، الماء الصالح للشرب، الكهرباء، تنويع المشاريع المدرة للدخل للنساء والرجال، النهوض بالقطاعين الاجتماعي والثقافي( مستشفيات، مدارس، ملاعب رياضية، دور للشباب، مكتبات، ومعاهد ثقافية).

ـ أن تعمل الجهات المسؤولة على تشجيع الفعل الجمعوي والتعاوني بتلك المناطق، حتى يتمكن السكان من الاعتماد على ذواتهم.

ـ أن تقوم الوزارة المكلفة بالانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، المندوبية السامية للمياه والغابات، ووزارة السياحة، بوضع شراكات مع سكان المناطق الجبلية لبلورة مشاريع خضراء: كالسياحة الجبلية، متاحف طبيعية ايكولوجية، وفنادق خضراء تحمل توقيع المنطقة، ومطاعم بيو تحمل بصمة مناطقها، و تعمل على تشجيع الساكنة على استقبال السياح الأجانب بمساكنها مقابل ثمن موحد.

ـ الترويج لهذه المناطق اليكترونيا في إطار السياحة الخضراء، لأنها أصبحت أكثر السياحات المدرة للدخل والعملة الصعبة.

إنه بتحسين إطار عيش ساكنة المناطق الجبلية، ستشعر  بالدفء المجتمعي، وسيمكنها من مواجهة  كل أشكال قساوة المناخ، وسيصبح لها بفضل حياتها الجديدة آليات جديدة للتكيف المناخي.

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق