تقييم شامل للأداء البيئي والديمقراطية التشاركية: نتائج مؤشر الانتقال الأخضر بجهة الدار البيضاء-سطات

ECO1726 يناير 2025
تقييم شامل للأداء البيئي والديمقراطية التشاركية: نتائج مؤشر الانتقال الأخضر بجهة الدار البيضاء-سطات
أميمة أخي

أعلن الائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة (AMCDD)، يوم الخميس 16 يناير الجاري، عن نتائج مؤشر الديمقراطية التشاركية من أجل انتقال أخضر شامل ومرن (PDI 4 GRI) لسنة 2024، وجاء هذا الإعلان خلال ندوة صحفية استعرضت لأول مرة أداء عشر جماعات ترابية بجهة الدار البيضاء-سطات، والتي تضم أربع مدن وسيطة (المحمدية، الجديدة، برشيد، سطات) وستة مراكز حضرية صاعدة (الوالدية، المجاطية، أولاد طالب، أولاد فرج، دار بوعزة، أولاد يحيى اللوطة، وكيسر).

هذا السياق، قيّم المؤشر أداء الجماعات الترابية انطلاقا من اختصاصاتها وفق القانون التنظيمي 113.14، مع التركيز على برامجها التنموية ومنجزاتها في مجالات محورية، حيث شملت هذه المجالات تدبير الموارد المائية، النقل والتنقل المستدام، تدبير النفايات، المساحات الخضراء، التعمير المستدام، إضافة إلى الديمقراطية التشاركية، والولوج إلى المعلومات، والرقمنة.

واعتمد الائتلاف منهجية علمية لتطوير وتنزيل مؤشر “PDI 4 GRI”، بالتعاون مع شركاء وطنيين ودوليين وخبراء مختصين، حيث جرى تجميع البيانات اللازمة من خلال ورشات تشاركية مع الفاعلين المحليين بكل جماعة، الأمر الذي أتاح قياس درجة التطابق مع معايير المدن المستدامة ومبادئ الديمقراطية التشاركية.

وتمت مقارنة أداء الجماعات مع المعايير الدولية والتجارب الناجحة للمدن المستدامة، حيث شمل التحليل مدى فعالية التنزيل المحلي للاستراتيجيات الوطنية المتعلقة بالتنمية المستدامة المنخفضة الكربون والمرنة مناخيا، وأسهمت هذه المقارنات في تقديم صورة واضحة عن نقاط القوة والضعف بكل جماعة.

وكشف المؤشر عن تأثير هذه المجالات على التنمية البشرية المستدامة للمواطنين، مع تسليط الضوء على الخدمات العامة المقدمة للسكان، وجاءت النتائج لتؤكد أهمية التخطيط والتدبير الترابي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز التكيف مع التغيرات المناخية.

وأكد عبد الرحيم الكسيري، المنسق الوطني للائتلاف، خلال الندوة أن الإعلان عن نتائج هذا المؤشر خطوة هامة لدعم الانتقال الأخضر الشامل، وتحفيز الجماعات الترابية لتحسين أدائها بما يتماشى مع معايير التنمية المستدامة، مبرزا أهمية إشراك الفاعلين المحليين والمجتمع المدني في صياغة سياسات بيئية فعالة لتحقيق مستقبل أكثر استدامة.

وأظهرت النتائج مستوى أداء الجماعات الترابية العشر بجهة الدار البيضاء-سطات، حيث سجلت الجماعات الترابية 3.3 من 10 في مستوى تطابق ممارساتها الحالية مع المعايير الدولية للمدن المستدامة، و3.7 من 10 في تأثير هذه الممارسات على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لتؤكد هذه النتائج جهود بعض المتدخلين من جماعات وأقاليم وجهات، إلى جانب القطاعات الحكومية والوكالات المعنية.

وأظهرت المؤشرات أن ضعف الأداء يعود لغياب اعتماد مبادئ المدن المستدامة والذكية وأهداف التنمية المستدامة في التخطيط والتفعيل والتقييم، كما سجل التقرير غياب رؤية مشتركة بين الفاعلين الحكوميين والمحليين والمجتمع المدني، مما يؤثر على انسجام السياسات العمومية وفعالية الاستثمارات.

و أكد المتحدث نفسه أن عددا من الجماعات تبنت مقاربات تقليدية في مجالات حيوية كالنقل والنفايات والماء، مع التركيز على تدبير إداري للميزانية السنوية بدل الاستثمار في مشاريع تتطلب تغيير السلوك الفردي والجماعي، ورصد التقرير ضعف إشراك المواطنين في التفكير والتخطيط، ما يحرم الجماعات من تحقيق نتائج فعالة ومستدامة.

وكشف التقرير في السياق نفسه، ضعف تفعيل حق المواطن في الوصول إلى المعلومات (القانون 31.13) وإشراكه في مراحل البناء والتفعيل والتقييم، مبرزا غياب لقاءات منتظمة ومنتديات للنقاش حول القضايا الحيوية، إضافة إلى غياب مواقع إلكترونية لدى جميع الجماعات الصاعدة الست (الوالدية، المجاطية، أولاد طالب، أولاد فرج، دار بوعزة، أولاد يحيى اللوطة)، بينما تعاني المدن المتوسطة الأربع (المحمدية، الجديدة، برشيد، سطات) من ضعف التحديث والاستثمار في الخدمات الرقمية.

وأظهرت النتائج تقدم مدينة الجديدة على المحمدية وسطات، فيما حلت برشيد في المرتبة الثامنة. أما بخصوص المدن الصاعدة، فجاءت أولاد فرج والوالدية في المقدمة بنسبة 37% و35% على التوالي، بينما احتلت أولاد يحيى اللوطة المرتبة الأخيرة.

ودعا الائتلاف إلى تعزيز إشراك المواطنين، وتحسين نظم المعلومات الرقمية، واعتماد مقاربات مبتكرة لتحقيق انتقال أخضر شامل ومرن، بما ينسجم مع أهداف التنمية المستدامة والتزامات الدستور المغربي.

وشهدت الندوة تقديم مخرجات مشروع مؤشر الديمقراطية التشاركية، مع فتح باب النقاش والتوضيحات حول نتائجه ومراحل تطوره، ليؤكد المشاركون خلال فترة الأسئلة والأجوبة أهمية المقاربات والمعايير التي تم اتباعها، مشددين على ضرورة مواصلة الجهود لتحسين أداء الجماعات الترابية.

وقدمت حليمة جنيد المنسقة الجهوية بالدار البيضاء-سطات، و عبد العزيز جناتي،المنسق الوطني للائتلاف، كلمات شكر لجميع المساهمين في نجاح المشروع، بمن فيهم أعضاء الائتلاف، الخبراء، المنتخبون، والشركاء الوطنيون والدوليون. وأبديا شكرا خاصا لوكالة التنمية البلجيكية (ENABEL) التي دعمت المشروع، والاتحاد الأوروبي كممول رئيسي، ضمن برنامج “تضافر” لدعم المشاركة المواطنة، المنجز بالشراكة مع المديرية العامة للجماعات الترابية والوزارة المنتدبة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان.

و ذكر جناتي أن المملكة المغربية حققت إنجازا نوعيا بكونها أول دولة عربية وإفريقية تبتكر مؤشرا لتقييم الديمقراطية التشاركية، وحظي هذا المؤشر باهتمام وطني ودولي، ترجم بتوقيع شراكات مع معهد حوكمة الموارد الطبيعية (NGRI)، ودار المناخ المتوسطية (MMC)، ومؤسسة فريدريك إيبرت (FES)، ومنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا (CGLU Afrique)، مما يمهد الطريق لتعميمه على المستوى الدولي.

وأعلن المنسق الوطني للمشروع عن تنظيم لقاء وطني يوم الخميس 30 من يناير الجاري، بمشاركة مختلف الفاعلين الوطنيين والدوليين، لعرض إنجازات المشروع والتوصيات العامة، ويهدف اللقاء إلى وضع برنامج لتطوير المؤشر وتعميمه ليشمل 52 جماعة ترابية بجميع جهات المملكة الاثنتي عشرة، بما في ذلك المدن الكبرى.

وأكد فريق المشروع التزامه بمواكبة الجماعات الترابية العشر التي شملها التقييم الحالي من خلال تنظيم ورشات محلية لتحليل نتائج نسخة 2024، وتهدف هذه الورشات إلى فتح حوار مدني يعزز الحوكمة المحلية، الشفافية، وإشراك المواطنين بطرق مبتكرة، مع التركيز على تحسين التخطيط وبناء مشاريع تنموية تتماشى مع مبادئ التنمية المستدامة والصمود أمام التغيرات المناخية.
ويسعى المشروع، خلال سنة 2025، إلى تحسين تصنيف الجماعات الترابية عاما بعد آخر، من خلال تعزيز آليات الشفافية، تطوير الخدمات، وتكريس إشراك المواطنين في صنع القرار، ليصبح المؤشر نموذجا يحتذى به على الصعيدين الوطني والدولي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق