تشهد منطقة الألزاس الفرنسية Alsace تحولا ملحوظا في أنماط هجرة طيور اللقلق (اللقالق)، حيث أصبحت تعود في وقت مبكر من السنة أو حتى تمتنع عن الهجرة نهائيا، فضلا عن مساهمة الشتاء المعتدل في توفير الغذاء لهذه الطيور على مدار العام، خاصة في مواقع التخلص من النفايات، ما جعلها تبقى في المنطقة بدلا من قطع آلاف الكيلومترات نحو الجنوب.
وتعيش عشرات اللقالق وسط مكبات النفايات، وهو مشهد بعيد عن الصورة التقليدية للطائر الأنيق الجاثم على مداخن المنازل، وبالرغم من قساوة الطقس في بعض أيام الشتاء، فإن هذه الطيور تجد غذاء كافيا للبقاء في المنطقة.
وعرفت أعداد اللقالق البيضاء في الألزاس انتعاشا كبيرا بعد أن كانت مهددة بالانقراض في سبعينيات القرن الماضي، حيث استفادت من سياسات حمائية بيئية صارمة. أفاد مكتب حماية البيئة في الألزاس بأنه تم تسجيل 1.634 زوجا متكاثرا من اللقالق خلال السنة الماضية، وهو ما يمثل تضاعفا في أعدادها خلال العقد الأخير.
وتراجعت أعداد اللقالق التي تقوم بالهجرة التقليدية عبر البحر الأبيض المتوسط، حيث أصبحت الطيور تغادر في وقت متأخر وتعود في وقت أبكر من المعتاد، وفي هذا الصدد يوضح إيف مولر، رئيس منظمة الألزاس لحماية الطيور (LPO)، أن هذه الطيور كانت في الماضي تسافر حتى إفريقيا الاستوائية، لكن خلال العقود الأخيرة، أصبحت تكتفي بالانتقال إلى جنوب فرنسا أو المغرب أو إسبانيا. ويرجع هذا التغيير إلى المناخ الأكثر اعتدالا، الذي قلل من المخاطر التي تواجهها أثناء الهجرة وخفض معدلات الوفيات في صفوفها.
ويوفر الشتاء المعتدل كميات كافية من الغذاء، حيث تعتمد اللقالق على التهام مئات ديدان الأرض يوميا، لكن في حال تعذر ذلك، فإنها تلجأ إلى مكبات النفايات المفتوحة بحثا عن مصادر أخرى للغذاء.
ويعبر مايكل جروني، مدير شركة “سميكتوم نورد الألزاس”، التي تدير موقع طمر النفايات في فينتزنباخ، عن قلقه إزاء هذه الظاهرة، موضحا أن الموقع لا يستقبل النفايات المنزلية منذ سنة 2017، كما أنه يتبع إجراءات صارمة لإزالة الحشرات.
ويحذر تشارلز هيلبلينغ، المتطوع في الرابطة الفرنسية لحماية الطيور، من مخاطر ابتلاع اللقالق مواد ضارة مثل الأكياس البلاستيكية أو الأشرطة المطاطية، الأمر الذي قد يؤثر على صحتها، رغم تأكيد المسؤولين أن النفايات المدفونة في الموقع ليست سامة. وتظل المخاوف قائمة حول التأثيرات البيئية، طويلة الأمد، لهذه الظاهرة رغم عدم تسجيل حالات نفوق اللقالق بالقرب من الموقع.