يعد بروتوكول ناغويا ، اتفاق دولي لتقاسم المنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية بطريقة عادلة ومنصفة، بما في ذلك الوصول الملائم إلى الموارد الجينية ونقل التكنولوجيا الملائمة ذات الصلة، مع مراعاة جميع الحقوق على هذه الموارد والتكنولوجيات، وعن طريق التمويل المناسب، وبالتالي المساهمة في الحفاظ على التنوع البيولوجي والاستخدام المستدام لمكوناته.
واعتمد مؤتمر الأطراف البروتوكول في اتفاقية التنوع البيولوجي في اجتماعه العاشر يوم 29 أكتوبر 2010 في ناغويا باليابان، كنتيجة للاعتراف بالحق السيادي للبلدان على مواردها في اتفاقية التنوع البيولوجي.
مسار التفاوض: جهود دؤوبة لصياغة الإطار الدولي
بدأ العمل على وضع أسس البروتوكول سنة 2001، حين تم إنشاء فريق عمل متخصص ضمن إطار اتفاقية التنوع البيولوجي، و استرشدت هذه الجهود بمبادئ بون التوجيهية لسنة 2002، التي تقدم توجيهات للدول عند وضع سياسات تشريعية أو إدارية لتسهيل الحصول على الموارد الجينية وتقاسم المنافع الناشئة عنها، سواء من خلال إجراءات وطنية أو عقود دولية.
أهداف بروتوكول ناغويا ونطاقه
يتمثل الهدف الرئيسي للبروتوكول في ضمان أن تكون عملية تقاسم المنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية مرتبطة بشروط واضحة للحصول على هذه الموارد، وفقا للتشريعات الوطنية لكل دولة. و يعد البروتوكول إطارا لتطوير القوانين الداخلية، حيث يلزم الدول المستخدمة للموارد الجينية بالامتثال لتشريعات البلد المزود لهذه الموارد، كما نصت المادة 15 منه.
شروط الوصول إلى الموارد الجينية
تحدد الدول شروط الحصول على مواردها الجينية وفقا للمادة 6 من البروتوكول والمادة 16 من اتفاقية التنوع البيولوجي. تخضع هذه العملية لموافقة مسبقة من الدولة المزودة، التي تضع في تشريعاتها القوانين والشروط اللازمة لذلك.
آليات تقاسم المنافع: بين المالية وغير المالية
تلزم المادة 15 من اتفاقية التنوع البيولوجي الدول بتقاسم المنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية، و يشمل ذلك منافع مالية مثل الدفعات الأولية، الإتاوات، رسوم التسويق، وحقوق الملكية الفكرية المشتركة، كما يتيح البروتوكول منافع غير مالية، منها المشاركة في البحث العلمي، تطوير المنتجات، بناء القدرات، ونقل التكنولوجيا، خاصة تلك المتعلقة بالتكنولوجيا الإحيائية، لدعم حماية التنوع البيولوجي وتبادل المعلومات ونتائج البحوث.
دور المجتمعات الأصلية: حماية المعارف والممارسات التقليدية
ينص البروتوكول، في المادة 8 من اتفاقية التنوع البيولوجي والمادة 7 من بروتوكول ناغويا، على ضرورة إشراك المجتمعات الأصلية في تقاسم المنافع المرتبطة بالمعارف والممارسات التقليدية، و تمنح القوانين الوطنية هذه المجتمعات حقوقا على الموارد التي تمتلكها في بيئاتها المحلية رغم سيادة الدولة في الحصول على الموارد، و تشجع الاتفاقية الدول، من جهة أخرى، على حماية الاستخدام العرفي للموارد البيولوجية، مع تيسير تبادل المعارف المكتسبة عبر الأجيال.
التزام المغرب ببروتوكول ناغويا: نموذج للحكامة البيئية
وقع المغرب على بروتوكول ناغويا في 9 دجنبر 2011، ونشره بالجريدة الرسمية في 4 يوليو 2013، بعد المصادقة عليه في 24 فبراير 2022، و دخل البروتوكول حيز التنفيذ في 21 يوليوز 2022.
وعمل المغرب على تنفيذ البروتوكول من خلال آليات متعددة، تشمل تعيين نقطة اتصال وطنية، وتوفير المعلومات التشريعية والإدارية عبر غرفة تبادل المعلومات، وتنظيم برامج تدريبية لرفع وعي الجهات المعنية، مثل الوزارات، الجماعات المحلية، الباحثين، والقطاع الخاص.
وأعد المشرع المغربي مشروع قانون بشأن الحصول على الموارد الجينية وتقاسم المنافع الناشئة عن استخدامها، ويجري حاليا دراسته لدى الأمانة العامة للحكومة لاستكمال الإطار القانوني اللازم.
يعد بروتوكول ناغويا خطوة دولية هامة نحو تعزيز الحكامة البيئية، وحماية التنوع البيولوجي، وضمان عدالة تقاسم المنافع، ويمثل تطبيقه التزاما عالميا بتعزيز التعاون الدولي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع احترام سيادة الدول ودعم مشاركة المجتمعات المحلية في حماية مواردها.