النزاع في الكونغو يهدد البيئة والتنوع البيولوجي

ECO1711 مارس 2025
النزاع في الكونغو يهدد البيئة والتنوع البيولوجي

هل تعلم أن النزاع في الكونغو يهدد بيئة غنية بالحياة البرية مشابهة لتلك التي نجدها في مناطقنا؟ كيف يمكن للحرب أن تدمر هذه الموارد الطبيعية؟

تشهد جمهورية الكونغو الديمقراطية صراعا مسلحا مستمرا منذ أواخر سنة 2021، وخاصة في شرق البلاد، حيث تندلع المواجهات بين القوات الحكومية والميليشيات المسلحة. ويتسبب هذا النزاع في تداعيات بيئية خطيرة، إذ تمتد آثاره إلى الغابات المطيرة والتنوع البيولوجي الغني الذي تتمتع به المنطقة، حيث تعد غابات الكونغو واحدة من أهم النظم البيئية في العالم، والتي تحتضن ملايين الأنواع من النباتات والحيوانات، بعضها لا يوجد في أي مكان آخر على وجه الأرض. ومع ذلك، تتعرض هذه البيئة الطبيعية للتدمير نتيجة للأنشطة المرتبطة بالحرب، مثل النزوح الجماعي للسكان وعمليات القطع غير القانوني للأشجار.

كما تعد منتزهات فيرونغا وكاهوزي-بييغا الوطنية من بين أكثر المناطق تضررا، بحيث تعاني الغابات من عمليات إزالة واسعة لتوفير الحطب والوقود للأشخاص الذين أُجبروا على الفرار من منازلهم. علاوة على ذلك، فإن الجماعات المسلحة تستغل الموارد الطبيعية في هذه المناطق لتمويل عملياتها، مما يؤدي إلى استنزاف مستمر لموارد الغابات. كما تعاني الغوريلا الجبلية، وهي واحدة من أكثر الأنواع المهددة بالانقراض، بشكل خاص من آثار النزاع، إذ تتقلص موائلها الطبيعية ويزداد خطر الصيد غير المشروع بسبب تراجع الوجود الأمني في المناطق المحمية.

الميليشيات تستنزف الموارد الطبيعية
تلعب عمليات التعدين العشوائي إلى جانب إزالة الغابات، دورا رئيسيا في تدمير البيئة في شرق الكونغو، بحيث تستغل الجماعات المسلحة مناجم الذهب والكولتان (وهو معدن يستخدم في صناعة الإلكترونيات) بطريقة غير قانونية، مما يؤدي إلى تلوث مصادر المياه وتهديد حياة العديد من الكائنات الحية، و غالبا ما يتم استخراج هذه المعادن باستخدام مواد كيميائية سامة، مثل الزئبق، التي تتسرب إلى الأنهار وتلحق أضرارا بالغة بالنظم البيئية المحلية، بالإضافة إلى تأثيرها الخطير على صحة السكان الذين يعتمدون على هذه المياه.

إضافة إلى ما سبق، يؤدي انعدام الاستقرار إلى انتشار الصيد الجائر، حيث تتعرض الحيوانات البرية، مثل الأفيال والغوريلا، لخطر متزايد، كما يستخدم الصيادون غير القانونيين أساليب وحشية لقتل الحيوانات من أجل الحصول على العاج أو اللحوم البرية، مما يسرّع من انخفاض أعداد هذه الأنواع النادرة.

وقد أظهرت دراسات بيئية أن النزاعات المسلحة ترتبط بارتفاع معدلات فقدان التنوع البيولوجي، حيث يتم استغلال الموارد الطبيعية بطريقة غير مستدامة لتعويض نقص الإمدادات التقليدية.

الأثر على المجتمعات المحلية والاقتصاد البيئي

لا تؤثر هذه الأزمة البيئية فقط على الحياة البرية، بل تمتد إلى السكان المحليين الذين يعتمدون على الغابات للحصول على الغذاء والموارد الطبيعية الأخرى.

وفي ظل النزاع المستمر، تجد العديد من المجتمعات المحلية صعوبة في الحصول على احتياجاتهم الأساسية مثل الماء النظيف والموارد الزراعية، بسبب تدمير البيئة والموارد الطبيعية.

كما أصبح النزوح الجماعي للسكان من مناطق النزاع عاملا إضافيا في زيادة الضغط على المناطق الأخرى، مما يعطل استدامة البيئة ويؤدي إلى تفاقم الوضع البيئي.

علاوة على ذلك، يعتمد العديد من السكان المحليين على الغابات في حياتهم اليومية، سواء من خلال الصيد أو جمع النباتات لاستخداماتها الطبية أو الغذائية. مع تدهور هذه الموارد الطبيعية نتيجة للنزاع، يصبح من الصعب على المجتمعات المحلية البقاء على قيد الحياة بطريقة مستدامة.

كما يتأثر النشاط الزراعي أيضا، بحيث يعتبر تدمير الأراضي الزراعية والغابات، معرقلا لإنتاج الغذاء، مما يهدد الأمن الغذائي في المناطق المتضررة.

ويعد النزاع أيضا، بجانب التأثيرات البيئية والاجتماعية، تهديدا مباشرا للاقتصاد البيئي للكونغو. فالسياحة البيئية تعد جزءا هاما من الاقتصاد المحلي، حيث يأتي السياح للاستمتاع بمناظر الغابات المطيرة ومراقبة الحياة البرية، مثل الغوريلا الجبلية. ومع تدهور الظروف الأمنية والبيئية، تراجعت أعداد السياح بشكل كبير، مما يضعف الاقتصاد المحلي ويزيد من حدة الفقر في المناطق المتأثرة.

الحاجة الملحة للتدخل الدولي

من أجل تقليل الأثر البيئي المدمر للنزاع، تظهر الحاجة الملحة للتدخل الدولي، بحيث من الضروري أن تدعم المنظمات البيئية الدولية جهود الحفاظ على التنوع البيولوجي في الكونغو، وخاصة من خلال تأمين المناطق المحمية وتعزيز وجود قوات الحفظ البيئي.

من أجل وقف هذا التدمير، يجب أن يتعاون المجتمع الدولي مع السلطات الكونغولية والمنظمات البيئية لضمان حماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية التي يعتمد عليها السكان المحليون.

المصدر عن بوابة مونگاباي - بتصرف
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق