يشكل اليوم الوطني للسلامة الطرقية، الذي يوافق 18 فبراير من كل سنة، مناسبة مهمة لتعزيز الوعي بأهمية السلامة الطرقية وتسليط الضوء على المخاطر الناجمة عن الحوادث المرورية
ويأتي هذا اليوم في سياق الجهود الوطنية الرامية إلى تقليص عدد الحوادث وضحايا الطرقات عبر التوعية والتحسيس، إضافة إلى تفعيل تدابير أكثر صرامة لضمان احترام قانون السير.
شهد المغرب في السنوات الأخيرة ارتفاعا في عدد الحوادث المرورية، حيث سجلت سنة 2024 ما مجموعه 96.810 حادثة سير بزيادة 14% مقارنة بالسنة الماضية، مما أسفر عن 1.063 وفاة، و5.046 إصابة خطيرة، و126.147 إصابة طفيفة. وتكشف هذه الأرقام عن تحديات جسيمة تستدعي استراتيجيات أكثر نجاعة لمعالجة هذه الظاهرة.
وساهمت عوامل عدة في تفاقم هذه الأزمة، أبرزها الجهل بالقانون وعدم احترامه، والسلوكيات المتهورة من قبل السائقين والمشاة، مثل تجاوز السرعة القانونية، وعدم احترام إشارات المرور، وإهمال استخدام حزام الأمان أو الخوذة بالنسبة لمستعملي الدراجات النارية، فضلا عن البنية التحتية التي تشكل عاملا مؤثرا، إذ تعاني بعض الطرق من تدهور حالتها نتيجة ضعف الصيانة، مما يزيد من خطر وقوع الحوادث.
وفي مواجهة هذا الواقع، تتواصل الجهود الرسمية والمجتمعية لتعزيز السلامة الطرقية، حيث تمثل الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية “نارساNARSA” إحدى الركائز الأساسية في هذا المجال، إذ تعمل الوكالة على تجميع المهام المتعلقة بالسلامة الطرقية في مؤسسة واحدة، مما يسمح بإنجاز المشاريع بسرعة وفعالية، وتقديم خدمات عالية الجودة على المستويين الجهوي والمحلي.
وضمن الجهود التوعوية، نظمت المؤسسات التعليمية أنشطة متنوعة لفائدة التلاميذ، شملت ورشات تحسيسية وعروضا فنية وزيارات ميدانية إلى مراكز الفحص التقني، بهدف تعريف الناشئة بأهمية الصيانة الدورية للسيارات ودورها في الحد من الحوادث.
وفي السياق ذاته، كثفت الجهات المختصة حملاتها التوعوية عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، كما تم تنظيم أنشطة ميدانية على بعض المقاطع الطرقية، حيث قام عناصر الأمن الوطني والدرك الملكي بتوزيع منشورات توعوية وبث رسائل صوتية تحث السائقين والمشاة على الالتزام بقواعد المرور.
وأمام أهمية الإجراءات الزجرية، التي لا تكفي للحد من نزيف الطرقات، تبرز الحاجة إلى مقاربة شاملة تجمع بين التشديد في تطبيق القانون، وتحسين البنية التحتية، وتعزيز الوعي المجتمعي عبر الجمعيات والمنظمات غير الحكومية التي تعمل على نشر ثقافة السلامة الطرقية.
ويتطلب التصدي لحرب الطرقات تظافر جهود مختلف الفاعلين، بدءا من الجهات الحكومية، مرورا بالمؤسسات التعليمية، وصولا إلى المجتمع المدني. ويبقى الرهان الأكبر هو غرس ثقافة مرورية سليمة لدى المواطنين، لضمان بيئة طرقية أكثر أمانا للجميع.