يحتفل العالم في 3 دجنبر من كل عام باليوم العالمي للأشخاص في وضعية إعاقة، وهو مناسبة لتسليط الضوء على قضايا هذه الفئة التي تمثل جزءا مهما من المجتمع، يهدف هذا اليوم إلى زيادة الوعي حول التحديات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة وتعزيز حقوقهم في مختلف المجالات، بما في ذلك التعليم، والصحة، والعمل، والتنقل، كما يشكل فرصة لدعوة الحكومات والمنظمات الدولية إلى تطوير سياسات شاملة تضمن تكافؤ الفرص والمساواة لهم.
ويكتسي الاحتفال هذا العام أهمية خاصة، حيث تزداد الحاجة إلى تعزيز قدرة الأشخاص ذوي الإعاقة على التكيف مع التغيرات البيئية والمناخية التي تؤثر عليهم بشكل غير متناسب. و في هذا الصدد، أكد الدكتور الطيب حمضي، المتخصص في السياسات والنظم الصحية، في تصريح لجريدة “إيكو17 ECO“، أن الأشخاص ذوي الإعاقة هم من بين أكثر الفئات عرضة للآثار السلبية للتغيرات المناخية.
وأضاف حمضي أن هؤلاء الأفراد يعانون من هشاشة أكبر في مواجهة هذه التغيرات سواء في قدرتهم على التأقلم معها أو في تعاطيهم مع أضرارها، مشيرا إلى أن الحكومات، للأسف، تفتقر إلى سياسات شاملة تراعي احتياجات هذه الفئة في سياق التغيرات المناخية.
وأوضح الدكتور ذاته، أن الدراسات أظهرت أن الأشخاص ذوي الإعاقة يتأثرون بشكل كبير بكل من التغيرات المناخية المفاجئة، مثل الكوارث الطبيعية والفيضانات، وكذلك التغيرات التدريجية، مثل ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد وارتفاع منسوب مياه البحر. وأكد أن هؤلاء الأشخاص يتحملون الجزء الأكبر من تبعات هذه التغيرات ويواجهون خطرا أكبر في التأثر بها مقارنة ببقية الفئات.
وأشار الخبير ذاته، إلى دراسة أظهرت أن خطر وفاة الأشخاص ذوي الإعاقة نتيجة تأثيرات التغيرات المناخية يتضاعف أربع مرات مقارنة بالأشخاص غير ذوي الإعاقة. مؤكدا أن هذا التفاوت يبرز بشكل واضح في الحالات التي تتعلق بالكوارث الطبيعية والتقلبات الجوية الحادة، حيث تكون الفئة الأضعف أكثر عرضة للخطر.
وتحدث الدكتور نفسه عن دراسة أجريت في كندا في منطقة مونتريال أثناء موجة حر شديدة، حيث أظهرت نتائج الدراسة أن 25% من الأشخاص الذين لقوا حتفهم بسبب ارتفاع درجات الحرارة كانوا يعانون من اضطرابات نفسية مثل الفصام، رغم أن هذه الفئة لا تمثل سوى 0.6% من سكان المدينة، و هذا يشير إلى أن هؤلاء الأشخاص يتعرضون لمخاطر أكبر ب40 مرة مقارنة بمعدل الوفاة في عموم السكان.
و من الناحية الصحية، شدد المحدث على أن الأشخاص ذوي الإعاقة يعانون بشكل خاص بسبب صعوبة وصولهم إلى مرافق العلاج والرعاية الصحية اللازمة. كما أن ضعف المستوى التعليمي وارتفاع معدلات الفقر بين هذه الفئة يزيد من معاناتهم، مما يعوق قدرتهم على التكيف مع الظروف الطارئة أو التغيرات المناخية.
ولفت المتحدث نفسه إلى غياب السياسات الموجهة بشكل خاص للأشخاص ذوي الإعاقة في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية. وأكد أن هذه الفئة لا تتم استشارتها في صنع السياسات العامة، بل يتم اهمالها في عمليات اتخاذ القرارات المتعلقة بتخطيط وتنفيذ السياسات التي تخص التغيرات المناخية والكوارث.
في الختام، دعا الدكتور حمضي إلى ضرورة وضع سياسات شاملة تراعي احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع مجالات الحياة، خاصة في مجالات الصحة والطوارئ والتغيرات المناخية، مع التأكيد على ضرورة إشراك هذه الفئة في صياغة السياسات العامة لضمان حقوقهم في مواجهة تحديات العصر.