التمارين البدنية.. أهم دواء لكبار السن

ECO1726 مارس 2025
التمارين البدنية.. أهم دواء لكبار السن

للتمتع بالشيخوخة بصحة جيدة، لا يكفي القيام بجولات عرضية أو أعمال بستنة خفيفة

 

تؤكد البروفيسورة روز نجيميني Rose Njemini، من جامعة فيرجي بروكسيل VUB البلجيكية، وهي عالمة في مجال الأحياء الجزيئية والكيمياء الحيوية، أن كبار السن بحاجة إلى ممارسة الرياضة بانتظام، مع الجمع بين أنواع مختلفة من التمارين وبمستويات متفاوتة من الشدة لضمان صحة مثالية. وتضيف: “إنه العلاج الأكثر فعالية ضد الأعراض الالتهابية التي يعاني منها معظم كبار السن”.

الالتهاب المزمن منخفض الدرجة وتأثيره على الشيخوخة

الالتهاب المزمن منخفض الدرجة هو استجابة التهابية خفيفة ولكنها مستمرة في الجسم، غالبا ما ترتبط بالشيخوخة وتلعب دورا في العديد من الأمراض المرتبطة بالعمر، مثل السمنة والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض العصبية التنكسية.

ما سبب هذا الالتهاب؟
توضح البروفيسورة نجميني أن السبب غالبا ما يكون متعدد العوامل، بما في ذلك تراجع كفاءة الجهاز المناعي (التشيخ المناعي)، والاضطرابات الأيضية، وصحة الأمعاء، والعوامل المرتبطة بنمط الحياة، والتوتر، والتعرض للملوثات البيئية. مع تقدم العمر، يضعف الجهاز المناعي تدريجيًا، مما يجعله أقل قدرة على إزالة الخلايا الشائخة – وهي خلايا تتوقف عن الانقسام لكنها تبقى في الجسم.

لماذا تشكل الخلايا الشائخة مشكلة؟

ترسل هذه الخلايا إشارات استغاثة إلى الجهاز المناعي لتتم إزالتها، وعند الشباب، يستجيب الجهاز المناعي بسرعة وكفاءة، مما يمنع تراكمها. لكن مع التقدم في السن، تقل قدرة الجهاز المناعي على إزالتها، مما يؤدي إلى تراكمها وإطلاق إشارات التهابية دائمة، وهو ما يساهم في الالتهابات المزمنة المرتبطة بأمراض القلب والسكري وحتى مرض ألزهايمر.

البروتينات التي تحمي الخلايا من الضرر والإجهاد

تدرس البروفيسورة نجميني “البروتينات المرتبطة بالإجهاد”، وهي مجموعة من البروتينات التي تنتجها الخلايا استجابة للضغوط مثل الأكسدة، والالتهابات، والطفرات الجينية. من بين هذه البروتينات، تبرز “بروتينات الصدمة الحرارية” (HSP)، والتي تم اكتشافها لأول مرة في ذباب الفاكهة عند تعريضه لدرجات حرارة عالية.

ما هو دور هذه البروتينات؟
تقوم بروتينات HSP بوظيفتين رئيسيتين: الأولى، المساعدة في الحفاظ على استقرار البروتينات داخل الخلايا، وحمايتها من التلف، وضمان طيها الصحيح لأداء وظائفها الحيوية. والثانية، تعزيز المناعة عن طريق مساعدة الخلايا المناعية على التعرف على مسببات الأمراض والخلايا التالفة.

التمارين الرياضية ودورها في تعزيز هذه البروتينات

تؤكد الباحثة أنه لزيادة إنتاج هذه البروتينات المفيدة، يجب ممارسة الرياضة: “عند ممارسة تمارين القوة مثل رفع الأثقال، يزداد مستوى بروتينات HSP في الخلايا، مما يقلل الالتهاب ويعزز الاستجابات المضادة للالتهابات. وهذا يفسر الشعور بالتحسن بعد التمارين الرياضية”.

أهمية الرياضة في الحفاظ على صحة كبار السن

كلما تقدم الإنسان في العمر، أصبحت الرياضة أكثر أهمية. فهي لا تقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة فحسب، بل تحافظ أيضًا على القدرة الحركية والاستقلالية لفترة أطول. لكن هل أي نوع من النشاط كاف؟. ترى البروفيسورة نجميني أن “المشي والبستنة مفيدان، لكن لا يكفيان للوقاية من الأمراض. يحتاج كبار السن إلى تمارين أكثر شدة، وخاصة تمارين القوة مثل رفع الأوزان، لأن تحفيز العضلات أمر ضروري للحصول على الفوائد”.

ما هي الشدة المثالية؟

يعتمد ذلك على قدرة كل فرد. في إحدى الدراسات، قام المشاركون بممارسة تمارين القوة ثلاث مرات أسبوعيا باستخدام أوزان ثقيلة (80% من أقصى قدرة لهم)، بينما تدربت مجموعة أخرى بأوزان أخف (40%). حتى بعد جلسة تدريب واحدة، لوحظت استجابة مناعية ملحوظة، ومع مرور الوقت، تحول الجسم إلى حالة مضادة للالتهابات.

خطر فقدان العضلات مع التقدم في العمر

بدءا من عمر 50 إلى 60 عاما، يفقد الإنسان 1-2% من كتلة عضلاته سنويا، بينما تنخفض القوة العضلية بمعدل 3% سنويا. يؤدي هذا إلى زيادة خطر السقوط والكسور، خاصة كسور الورك، التي تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، حيث لا ينجو 20-30% من المصابين بها خلال السنة الأولى. لذلك، فإن تمارين القوة ضرورية للحفاظ على العضلات والتوازن والصحة العامة.

هل يمكن البدء في ممارسة الرياضة بعد سن السبعين أو الثمانين؟

بالتأكيد!،  تؤكد نجميني، فقد أظهرت الدراسات أن حتى كبار السن يمكنهم استعادة قوتهم العضلية من خلال تدريب مناسب. كان يعتقد سابقا أن فقدان العضلات أمر لا مفر منه، لكننا نعلم الآن أنه يمكن الحد منه، بل وحتى عكسه.

ماذا عن الأشخاص غير القادرين على ممارسة الرياضة؟

تجيب الباحثة بالقول:”هدفنا النهائي هو توفير فوائد التمارين دون الحاجة إلى جهد بدني..نحن ندرس كيفية تطوير أدوية تحاكي تأثيرات النشاط البدني، مما قد يسمح لكبار السن غير القادرين على الحركة بالحصول على فوائد التمارين دون الحاجة إلى ممارسة النشاط فعليا؛ إنه بحث قد يغير مستقبل الرعاية الصحية، مما يمنح كبار السن، حتى الذين لا يستطيعون الحركة، فرصة للتمتع بصحة أفضل وجودة حياة أعلى”.

المصدر vub.be
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق