يعتبر الرصاص معدنا ساما، يوجد بشكل طبيعي في قشرة الأرض، وقد تسبب انتشار استخدامه في تلوث البيئة على نطاق واسع، كما تسبب في تعرض الإنسان لأضراره وفي مشاكل كبيرة لصحة الإنسان حول العالم.
ويتسبب التلوث بالرصاص في خسائر فادحة، وله عواقب صحية وخيمة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، ويؤثر أيضا على النمو العقلي للأطفال، مع تداعيات قوية على معدل الذكاء وقدرات التعلم والإمكانات المستقبلية.
وتصدى المجتمع الدولي بنجاح لتحديات مماثلة، مثل إزالة الرصاص من البنزين والمواد المستنفدة لطبقة الأوزون والمبردات، وهو ما يبعث الأمل والتفاؤل للقضاء على مشكلة التلوث بالرصاص.
وفي هذا الإطار، أطلقت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية واليونيسيف شراكة من أجل مستقبل خال من الرصاص، وهي شراكة عالمية بين القطاعين العام والخاص، تعمل على إنهاء التسمم بالرصاص خاصة لدى الأطفال في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. وقد عرفت الشراكة أيضا انضمام كل من البنك الدولي، إلى جانب منظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومشروعات العمل الخيري المفتوح، ومؤسسة بيل وميليندا غيتس، ومؤسسة دانغوت، والعديد من البلدان الأعضاء والمنظمات الشريكة الأخرى.
وأشار أكسيل فان تروتسنبرغ Axel van Trotsenburg، المدير المنتدب الأول للبنك الدولي، والمسؤول عن سياسات التنمية والشراكات، أن البنك الدولي ملتزم بالمساهمة في إيجاد حل للتلوث بالرصاص، إضافة إلى الاستثمار في المبادرات التي تستهدف ذلك، كما أنه مستعد لبذل المزيد من الجهود الدولية لمحاربة هذا النوع من التلوث.
وأبرز المدير المنتدب، أن البنك الدولي ساعد بعض الدول مثل السينغال، حيث ينتشر التلوث بالرصاص على نطاق واسع، على تدعيم النظام الصحي في البلاد من خلال توفير معدات مخصصة للكشف عن الرصاص، وتضمن ذلك تعزيز إمكانات وقدرات التشخيص لمركز مكافحة السموم.
وأكد فان تروتسنبرغ أن البنك الدولي، يدعم جهود الحكومات من خلال وضع سياساتها، مع تنفيذ هذه التدابير على نحو صارم لمنع التعرض للرصاص والحد منه.
ومن جهة أخرى، أكدت منظمة الصحة العالمية في تقرير أصدرته في شتنبر الماضي، أن الرصاص يتوزع بعد دخوله جسم الإنسان على مجموعة من الأعضاء، بما في ذلك الدماغ والكليتين والكبد والعظام، كما يخزن في الأسنان والعظام حيث يتراكم مع مرور الوقت، وقد ينتقل من العظام إلى الدم أثناء فترة الحمل ويعرض الجنين لهذه المادة. والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية هم أكثر عرضة للتسمم بالرصاص لأن أجسامهم تمتص كميات أكبر منه في حال افتقارهم إلى مغذيات أخرى، وخاصة الكالسيوم أو الحديد.
وتصنف المنظمة الرصاص في عداد المواد الكيميائية العشر التي تثير قلقا شديدا في مجال الصحة العامة، والتي تقتضي من الدول الأعضاء أن تتخذ إجراءات ترمي إلى حماية صحة العمال والأطفال والنساء في سن الإنجاب.
ونشرت المنظمة مجموعة من المبادئ التوجيهية سنة 2021، بشأن التعامل السريري مع التعرض للرصاص. وتوصي هذه المبادئ التوجيهية بضرورة تحديد مصدر التعرض للرصاص لدى الأفراد الذين يبلغ مستوى تركز الرصاص في دمهم 5 ميكروغرامات أو أكثر واتخاذ الإجراءات الملائمة لوضع حد للتعرض له.