البلاستيك.. الخطر الصامت

ECO1726 نوفمبر 2024
البحر الأحمر، شرم الشيخ، مصر - أكتوبر 2020: البلاستيك وغيره من الحطام يطفو تحت الماء في المياه الزرقاء - تصوير أندري نيكراسوف
البحر الأحمر، شرم الشيخ، مصر - أكتوبر 2020: البلاستيك وغيره من الحطام يطفو تحت الماء في المياه الزرقاء - تصوير أندري نيكراسوف
إيمان بنسعيد

تفاقمت أزمة البلاستيك خلال العقود الأخيرة لتتحول من مشكلة بيئية إلى تهديد صحي عالمي، الأمر الذي دفع الخبراء إلى دق ناقوس الخطر بشأن تأثيراتها على صحة الإنسان، حيث تشير الإحصائيات حسب مقال نشر لموقع mongabay، إلى إنتاج أكثر من 11 مليار طن متري من البلاستيك البكر منذ سنة 1950، 71% منها تم إنتاجها خلال القرن الحالي، الشيء الذي أدى إلى تراكم كميات هائلة من النفايات البلاستيكية، والتي معظمها تلقى في مكبات أو ترمى في البيئة، مما ينعكس سلبيا على الكوكب ويؤدي إلى تلوث المحيطات، والأنهار، الهواء ، وحتى انتشار الجزيئات البلاستيكية الدقيقة.

يؤكد الخبراء أن هذه الجزيئات، إلى جانب المواد الكيميائية المرتبطة بالبلاستيك مثل الفثالات والبيسفينول أ، تدخل جسم الإنسان عبر الطعام والماء والهواء، مما يؤدي إلى تأثيرات خطيرة على الصحة حيث تشمل هذه التأثيرات اضطرابات الغدد الصماء، ضعف الخصوبة، وزيادة مخاطر الإصابة بالسرطان. وقد كشف تقرير حديث نشر في 7 نونبر 2024 في مجلة “وان إيرث” عن أن تلوث البلاستيك يشكل تهديدا لصحة الإنسان وللأمن الغذائي على حد سواء.

يواجه الباحثون تحديات كبيرة في تحديد العلاقة المباشرة بين التعرض للبلاستيك والمشكلات الصحية، و يعود ذلك حسب ما جاء في جريدة ” mongabay”، إلى التعقيد الكيميائي للبلاستيك الذي يحتوي على آلاف المواد الكيميائية، والتي لم يتم اختبارها بعد من حيث السلامة، كما تفتقر الصناعة إلى الشفافية بشأن مكونات منتجاتها الأمر الذي يجعل من الصعب تتبع مصادر التلوث وتحديدها بدقة.

واستجابة لهذه الأزمة، بدأت عدة مفاوضات دولية تهدف إلى وضع معاهدة عالمية ملزمة للحد من إنتاج البلاستيك، تهدف المعاهدة إلى فرض قيود على إنتاج البلاستيك وتعزيز إعادة التدوير. ومع ذلك، تواجه هذه الجهود مقاومة من دول مثل الولايات المتحدة، التي تدعم وضع أهداف طوعية بدلاًمن التزامات ملزمة، مما يثير قلق دعاة حماية البيئة الذين يرون أن الحلول الطوعية قد لا تكون كافية. وتجذر الإشارة أنه اليوم الاثنين 25 نونبر 2024 يصادف انطلاق الجولة الأخيرة من المحادثات ف في بوسان،بكوريا الجنوبية، والتي تهدف إلى التوصل إلى اتفاق بشأن وضع معاهدة دولية للحد من التلوث الناجم عن استخدام البلاستيك، لكن الخلافات التي لا تزال مستمرة وقائمة تلقي بظلال الشك على إمكانية التوصل لاتفاق نهائي.

هذا و تعتبر صناعة البتروكيماويات عاملا رئيسيا في تفاقم الأزمة، حيث تسعى هذه الصناعة إلى تعويض انخفاض الطلب على الوقود الأحفوري بزيادة إنتاج البلاستيك. حيث تسوق الصناعة لفكرة “إعادة التدوير المتقدم” كحل مبتكر، إلا أن الخبراء يؤكدون أن هذه التقنيات غالبا ما تكون غير فعالة وتساهم في انبعاثات كربونية عالية، مما يزيد من تعقيد المشكلة بدلا من حلها.

ولمواجهة هذا التحدي، يقترح الخبراء تقليل إنتاج البلاستيك البكر،و تطوير بدائل مستدامة، كذلك تحسين تقنيات إعادة التدوير، وزيادة الوعي العام بمخاطر البلاستيك، كما يوصون بفرض سياسات تنظيمية صارمة تحظر استخدام المواد الكيميائية الضارة في تصنيع البلاستيك.

فأزمة البلاستيك لم تعد مجرد قضية بيئية؛ بل أصبحت أزمة صحية عالمية تستدعي استجابة عاجلة، و تعاون دولي، ووضع سياسات ملزمة، كما أن تبني حلول مبتكرة ومستدامة قد يكون الخطوة الأولى نحو تقليل تأثير هذه الأزمة على صحتنا وبيئتنا وتحقيق الأمن الصحي لكل شعوب العالم.

المصدر عن موقع مونگاباي - بتصرف
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق