يحتفي العالم سنويا في اليوم العالمي للمرأة بنساء رائدات وضعن بصمتهن في مختلف المجالات، و تخص جريدة إيكو 17 ECO بالذكر النساء اللواتي تألقن في مواضيع البيئة على المستوى الوطني، التنمية المستدامة، والانتقال الطاقي.
ومن بين هذه الشخصيات البارزة تبرز أمينة بنخضرة، المهندسة والسياسية المغربية التي تركت أثرا عميقا في قطاعي الطاقة والمعادن، مساهمة في صياغة سياسات مستدامة ورؤية طموحة لمستقبل المغرب الطاقي.
وتشغل بنخضرة حاليا منصب المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، حيث تواصل الإشراف على مشاريع استراتيجية كبرى، مثل مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب، إضافة إلى إدارة التنقيب عن المحروقات وتوسيع نطاق البحث المعدني في المملكة.
وتعد من الشخصيات النسائية الرائدة في المغرب، إذ تترأس منظمة المرأة التجمعية، ولها حضور بارز في عدة جمعيات ومؤسسات تعنى بالتنمية والبحث العلمي.
مسيرة أكاديمية ومهنية حافلة
ولدت أمينة بنخضرة في 28 نونبر 1954 بمدينة سلا، وهي مهندسة وسياسية مغربية بارزة استطاعت أن تشق طريقها بثبات نحو تقلد مناصب رفيعة في الدولة. حازت على شهادة الهندسة المدنية في التعدين من المدرسة الوطنية العليا للمناجم في نانسي، كما حصلت على شهادة الدكتوراه في علوم وتقنيات المعادن، إضافة إلى شهادة الجغرافيا الهندسية والتجارية من المعهد الوطني للفنون والمهن بباريس.
بدأت مسيرتها المهنية سنة 1982 بمكتب البحث والمشاركة في التعدين، حيث أشرفت على دراسات جدوى المشاريع المنجمية، وتدرجت في عدة مناصب مهمة، منها رئاسة قسم الدراسات والمراقبة المنجمية، ورئاسة قسم المساهمات.
وفي سنة 1994، عينت مديرة للمناجم بوزارة الطاقة والمعادن، حيث لعبت دورا محوريا في وضع وتطبيق السياسة المعدنية بالمغرب.
وعينت كاتبة للدولة لدى وزير الطاقة والمعادن مكلفة بتطوير القطاع المعدني في غشت 1997، ثم أعفيت من هذا المنصب سنة 1998، لتتولى بعدها إدارة مكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية.
وأسندت إليها مهمة إدارة المكتب الوطني للأبحاث والاستثمارات النفطية سنة 2000 مع احتفاظها بإدارتها السابقة، إلى أن أشرفت على عملية دمج المؤسستين في المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن سنة 2003.
قيادة في قطاع الطاقة والتنمية المستدامة
التحقت بنخضراة بحكومة عباس الفاسي كوزيرة للطاقة والمعادن والماء والبيئة بين سنتي 2007 و2012، حيث قادت عدة إصلاحات استراتيجية في قطاعي الطاقة والتعدين، مع التركيز على الطاقات المتجددة، مشرفة على مشاريع ضخمة مثل مخطط الطاقة الشمسية المغربي، كما ساهمت في إصدار قوانين جديدة لتنظيم القطاع وتعزيز الاستثمار فيه.
بعد انتهاء مهامها الوزارية سنة 2012، عادت لتتولى مجددا إدارة المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، حيث أشرفت على ملفات استراتيجية، من بينها:
• مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، الذي يسعى إلى تعزيز استقلالية المغرب الطاقية.
• تطوير التنقيب عن المحروقات والمعادن عبر شراكات دولية.
• ترسيم الحدود البحرية للمغرب فيما يخص الجرف القاري.
ومثلت بنخضرة المغرب دوليا في عدة مؤتمرات حول الطاقة والمناجم والبيئة، وساهمت في تعزيز العلاقات مع مؤسسات عالمية رائدة.
وحظيت شخصيتنا بتكريمات وطنية ودولية، أبرزها وسام جوقة الشرف من رتبة فارس سنة 2003، ووسام العرش من درجة ضابط سنة 2016، كما نالت تكريما من جامعة الدول العربية سنة 2010 لدورها في حماية البيئة.
رؤية متجددة للمرأة في قطاع الطاقة
إلى جانب مسارها التقني والإداري، لم تتوان بنخضرة عن دعم قضايا المرأة، حيث شغلت منصب رئيسة منظمة المرأة التجمعية، وسعت إلى تعزيز حضور النساء في مراكز القرار داخل قطاعي الطاقة والتنمية المستدامة.
وبفضل رؤيتها الاستشرافية وعملها الدؤوب، تظل أمينة بنخضرة نموذجا للمرأة المغربية الطموحة، التي لم تكتفِ بكسر الحواجز في مجالات يهيمن عليها الرجال، بل أسهمت في رسم مستقبل مستدام للمغرب في الطاقات البديلة، مشددة على أهمية الابتكار والاستثمار في الطاقات الخضراء لضمان انتقال طاقي ناجح يواكب التحديات البيئية والاقتصادية العالمية.