انطلق مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون يوم أمس 11 نوفمبر في باكو، أذربيجان، بمشاركة دولية واسعة لتحديد السياسات والتمويل اللازمين لمواجهة التغير المناخي. ويركز المؤتمر على إيجاد حلول تمويلية عادلة لصالح الدول الأكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية، في إطار صندوق “الخسائر والأضرار” الذي يستهدف مساعدة الدول الفقيرة على التكيف مع الآثار السلبية للتغير المناخي.
-التمويل المناخي وحجم الفجوة المالية
سيتناول مؤتمر الأطراف موضوع “الدين المناخي”، فالدول التي أسهمت تاريخيًا بأقل قدر من الانبعاثات هي التي تعاني اليوم من أشد الآثار. وتطالب الدول النامية بزيادة التمويل المخصص للمناخ إلى 1000 مليار دولار سنويًا، وهو عشرة أضعاف ما تم الاتفاق عليه في 2009. ورغم الالتزام المسبق بمبلغ 100 مليار دولار سنويًا للدول النامية حتى سنة 2025، لم يتم الإيفاء به بالكامل حتى الآن.
-التحديات أمام تمويل المناخ
يتزامن هذا العجز المالي مع نقص في التعاون العالمي. فالعديد من المساهمات تأتي في صورة قروض لا منح، مما يثقل كاهل الدول الفقيرة بديون إضافية، وتبرز قضية الفجوة التمويلية بشكل أكبر في ضوء فشل محادثات مؤتمر التنوع البيولوجي الأخير، ما يزيد التحديات أمام مؤتمر الأطراف لتحقيق نتائج ملموسة.
–تحديد الجهات المساهمة في التمويل
إذا نجح المجتمع الدولي في تأمين التمويل، تبقى مسألة توزيع التكاليف، حيث تتعرض الدول الغنية لضغوط للمساهمة أكثر، وتطالب بمشاركة اقتصادات كبرى مثل الصين ودول الخليج. ووفقًا لشبكة العمل المناخي، يمكن تحقيق التمويل عبر آليات مبتكرة، مثل فرض ضريبة بنسبة 2% على ثروات كبار الأثرياء، لتوفير 250 مليار دولار سنويًا، إضافةً إلى وقف دعم الوقود الأحفوري، الذي بلغ 7000 مليار دولار في 2022، بينما حققت شركات النفط أرباحًا قياسية.
-صراع دول الجنوب مع جماعات الضغط
تجد الدول النامية نفسها أمام تحدي إيصال صوتها في مواجهة تأثير جماعات الضغط التابعة لصناعة الوقود الأحفوري. فعلى سبيل المثال، شهدت قمة المناخ الأخيرة في دبي حضور عدد كبير من ممثلي قطاع النفط، ما يفوق عدد ممثلي الدول الأكثر تضررًا من التغيرات المناخية، مما يشير إلى عدم تكافؤ الفرص أمام الدول النامية.
-التحدي المقبل: الحد من الاحتباس الحراري
يتضمن هدف المؤتمر الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، وهو ما نص عليه اتفاق باريس 2015، إلا أن توقعات المرصد الأوروبي تشير إلى احتمال تجاوز هذا الحد خلال 2024، ما يزيد من حدة النقاش حول الالتزامات الدولية.
ويظل المؤتمر في أذربيجان فرصة حاسمة لتعزيز الالتزام الدولي نحو تمويل التحول إلى الطاقة النظيفة، إلا أن نجاح هذه الجهود يتطلب تجاوز العقبات السياسية والاقتصادية، وتكثيف التضامن العالمي لمواجهة أزمة المناخ بجدية وفعالية.