يعد تلوث الهواء مشكلة كبيرة في غرب أفريقيا، حيث يؤثر بصمت على صحة المجتمعات المحلية. في مواجهة هذا التحدي، أطلق كولينز جاميلي هودولي Collins Gameli Hodoli، وهو عالم بيئة وتربوي من غانا، مشروع هواء نظيف وغلاف جوي واحد؛ وهي مبادرة تهدف إلى زيادة الوعي وجمع بيانات دقيقة، وتمكين المجتمعات المحلية من اتخاذ إجراءات مستنيرة وبناء زخم إقليمي من أجل هواء أنظف.
بدأ التزام هودولي بجودة الهواء أثناء تحضيره للدكتوراه في المملكة المتحدة؛ وقد أدهشه التباين بين أوروبا بشبكاتها المتطورة لرصد الهواء، وإفريقيا حيث البيانات الموثوقة شبه معدومة. هذا النقص في البيانات يمنع السكان الأفارقة من فهم المخاطر اليومية التي يواجهونها.
يستخدم مشروع هواء نظيف وغلاف جوي واحد Clean Air One Atmosphere أدوات تكنولوجية لرصد مستويات التلوث، ونقل هذه المعلومات في الوقت الفعلي تقريبا إلى المجتمعات المحلية. وهو ما يمكن المواطنين من فهم الآثار الصحية والبيئية للتلوث بشكل أفضل.
يعتمد المشروع على استخدام أجهزة رصد الهواء، التي تم اختيارها لموثوقيتها وقدرتها على العمل بالطاقة الشمسية وسهولة نشرها. تقيس هذه المستشعرات الملوثات مثل الجسيمات الدقيقة، المعروفة بآثارها الضارة على صحة الإنسان، وتنقل البيانات في الوقت الحقيقي، حتى في المناطق التي يكون فيها الوصول إلى الكهرباء والإنترنت محدودا.
وقد وضعت أجهزة الاستشعار بشكل استراتيجي في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية وبؤر التلوث في غانا. وبفضل هذه الجهود، يمكن للسكان، بما في ذلك تلاميذ المدارس والطلاب، مراقبة مستويات التلوث بشكل يومي، وفهم تأثيرها والقيام بدور فعال في إيجاد حلول محلية.
يعد التعليم أحد الجوانب الأساسية للمشروع، لذا أنشأ هودولي وفريقه نوادي بيئية في المدارس الثانوية، لتعليم الجيل الأصغر سنا مداخل القضايا البيئية، وإشراكهم في عمل ملموس. وقد أدت هذه المبادرات إلى نتائج ملموسة، مثل فرز النفايات والتخلي عن الممارسات الضارة مثل حرق القمامة.
ومن خلال دمج مفاهيم مثل الاستدامة والتفكير المنظومي، يعمل المشروع على تدريب قادة المستقبل القادرين على الدفاع عن بيئتهم، بهدف إحداث تغيير دائم في السلوك الفردي والمجتمعي.
يتعاون مشروع هواء نظيف وغلاف جوي واحد مع مؤسسات مرموقة مثل جامعة كولومبيا ووكالة حماية البيئة في غانا. وتوفر هذه الشراكات موارد إضافية وتعزز النطاق الجغرافي للمشروع. كما حصلت المبادرة على اعتراف دولي من معهد سياسة الطاقة في جامعة شيكاغو لابتكاراتها ونتائجها.
بناء على هذه النجاحات، يخطط هودولي لتوسيع شبكة أجهزة الاستشعار واستخدام البيانات التي تم جمعها للدعوة إلى سياسات بيئية أكثر صرامة على المستويين الوطني والإقليمي. ويأمل أيضا أن يكون المشروع بمثابة نموذج للبلدان الإفريقية الأخرى في معالجة تلوث الهواء وتعزيز الاستدامة.
يعد مشروع هواء نظيف وغلاف جوي واحد مثالا ملهما في كيفية الجمع بين النضال و التفاني، جنبا إلى جنب، مع التكنولوجيا المبتكرة والمرونة في معالجة التحديات البيئية المعقدة. من خلال جعل آثار تلوث الهواء مرئية، وتمكين المجتمعات المحلية، يظهر هودولي وفريقه أن الحلول المحلية، المدعومة بالبيانات العلمية، يمكن أن يكون لها تأثير عالمي في الكفاح من أجل هواء أنظف.
