استعرض رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، خلال كلمته في قمة “المياه الواحدة” المنعقدة بالرياض، التجربة المغربية الرائدة في تدبير الموارد المائية، مسلطا الضوء على الرؤية الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، التي جعلت هذا الملف من أولويات المملكة عبر متابعة شخصية على أعلى المستويات. مؤكدا اعتماد المغرب سياسات مبتكرة وشاملة لمواجهة تحديات ندرة المياه وضمان استدامتها للأجيال المقبلة.
وصرح أخنوش بتخصيص المغرب استثمارا ضخما بقيمة 14 مليار دولار لتنفيذ برنامج شامل يهدف إلى تأمين مياه الشرب والسقي، عبر بناء مخزون مائي استراتيجي يدعم القطاعات الحيوية، موضحا ذلك بعرض التجربة المغربية لتحقيق هذا الهدف من خلال خمسة محاور رئيسية:
الربط بين الأحواض المائية
و أفاد ممثل المملكة المغربية، أن المغرب نفذ مشاريع نوعية لضمان التوزيع المتوازن للموارد المائية بين الأحواض، أبرزها انجاز طريق السيار مائي يضمن الربط مائي بين شمال المملكة و جنوبها ، مشيرا إلى أنه تم انجاز الشطر الأول لهذا مشروع و الربط بين حوض سبو وحوض أبي رقراق، الذي يوفر يوميا ما يصل إلى مليون متر مكعب من المياه للدار البيضاء والمدن المجاورة. وأكد أن هذا المشروع يشكل لبنة أساسية في تحقيق الأمن المائي الوطني.
مشاريع تحلية المياه
و أشار المتحدث نفسه، إلى إنجاز 14 محطة لتحلية المياه، منها محطات في أكادير والداخلة، و هي محطات توفر مياه الشرب والسقي و الفلاحة أيضا. مؤكدا أن المملكة تسابق الزمن لإنجاز 6 محطات إضافية، من بينها محطة الدار البيضاء، التي تعد الأكبر في إفريقيا، ومحطة الرباط التي تنفذ بشراكة مع القطاع الخاص.
وأبرز أن المملكة تستهدف رفع طاقة إنتاج المياه المحلاة من 254 مليون متر مكعب تنتجها حاليا، إلى مليون و 700 متر مكعب سنويا بحلول سنة 2030.
تعزيز الموارد المائية غير الاعتيادية
و أكد مبعوث المغرب في القمة ، أن بلدنا يعمل على إعادة استخدام المياه العادمة المعالجة، خاصة في مدن كبرى مثل الرباط، مراكش، وأكادير، حيث تستخدم هذه المياه في سقي المساحات الخضراء والملاعب الرياضية، مما يساهم في تقليل الاعتماد على الموارد التقليدية.
تشجيع أنظمة الري أقل استهلاكا للمياه
و صرح المتحدث نفسه، أن المغرب نجح في ري 650,000 هكتار باستخدام تقنيات وأنظمة تهدف إلى ترشيد استهلاك المياه في القطاع الفلاحي، مثل تقنية الري بالتنقيط، الأمر الذي وفر أكثر من 2 مليار متر مكعب من المياه.
وأكد أخنوش أن مخطط “الجيل الأخضر” الذي أطلقه الملك محمد السادس، يستهدف رفع هذه المساحة المسقية إلى مليون هكتار بحلول سنة 2030، مما يعزز الإنتاج الفلاحي مع المحافظة على الموارد المائية.
سياسة بناء السدود
و أقر الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، باعتماد المغرب استراتيجية طويلة الأمد لبناء السدود منذ ستينيات القرن الماضي، اكتسب من خلالها بنيه تحتية مائية مهمه تتكون من 154 سدا كبيرا بسعة تخزينية تفوق 20 مليار متر مكعب. مشيرا إلى أن هناك 17 سدا آخر قيد الإنشاء ستضيف 5 مليارات متر مكعب إضافية، لتصل السعة الإجمالية إلى 25 مليار متر مكعب بحلول سنة 2030.
و ختم المتحدث كلمته، بالإشارة إلى أنه أمام هذه الإنجازات، لا تزال المملكة تواجه تحديات كبيرة ترتبط بالضغط على الموارد المائية وارتفاع الطلب، مؤكدا أن النجاح في مواجهة هذه التحديات يتطلب انخراطا جديا ومسؤولا، مع تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتطوير استثمارات مبتكرة تضمن استدامة الموارد المائية وتلبي احتياجات المواطنين والقطاعات الاقتصادية.
مضيفا أنه بهذه الجهود الطموحة، يرسخ المغرب مكانته كنموذج إقليمي في تدبير المياه، ويظهر التزامه بمواجهة تحديات المناخ والموارد الطبيعية بخطوات مدروسة ومستدامة.