اختتمت أشغال مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي كوب16 يوم السبت في مدينة كالي الكولومبية، حيث انعقدت جلساته من 21 أكتوبر حتى 2 نوفمبر 2024. ومع ذلك، لم يتمكّن المشاركون من التوصل إلى اتفاق بشأن تمويل خارطة الطريق التي تم إقرارها قبل عامين بهدف وقف تدهور الطبيعة بحلول عام 2030.
وفي هذا السياق، صرح الخبير البيئي مصطفى بنرامل، رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ القنيطرة، لجريدة إيكو 17 ECO، بأن مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي كوب 16 كان حدثا بالغ الأهمية في سياق الجهود العالمية لحماية الطبيعة، حيث تناول تحديات حاسمة تواجه التنوع البيولوجي على كوكبنا، مثل فقدان الموائل، والتلوث، وتغير المناخ.
وتحدث مصطفى بنرامل عن أهم القضايا التي تمت مناقشتها في المؤتمر، إذ تم التركيز بشكل كبير على تنفيذ اتفاقية كونمينغ-مونتريال للإطار العالمي للتنوع البيولوجي التي تهدف إلى وقف تدهور الطبيعة بحلول عام 2030، و إيلاء الاهتمام الكبير بقضية التمويل، لأنها كانت من أبرز التحديات التي واجهت المفاوضات، حيث دعت الدول النامية إلى زيادة الدعم المالي من الدول المتقدمة لتمكينها من تنفيذ مشاريع الحفاظ على البيئة.
وتم الاعتراف بدور الشعوب الأصلية في حماية التنوع البيولوجي، كما تم تخصيص مساحة أكبر لمشاركتهم في صنع القرار، و مناقشة أهمية توسيع شبكة المناطق المحمية البحرية والبرية، وكيفية إدارتها بشكل فعال، و طرحت قضية التسلسل الجيني كمورد واعد، ولكنها أثارت أيضا مخاوف بشأن الملكية الفكرية والاستفادة العادلة من الموارد الجينية.
وأشار المتحدث نفسه إلى أسباب الفشل والتحديات التي واجهت المفاوضات و المتمثلة في :
• الخلافات حول التمويل: التي كانت الخلافات حول آليات التمويل وتوزيع الأعباء بين الدول المتقدمة والنامية العائق الأساسي ، حيث طالبت الدول النامية بدعم مالي أكبر لتمكينها من تنفيذ المشاريع البيئية، بينما تتردد الدول المتقدمة في تقديم التزامات مالية كبيرة.
• تعقيد القضايا: تعتبر قضايا التنوع البيولوجي معقدة ومتشابكة، وتتطلب حلولا شاملة تأخذ في الاعتبار التفاعلات بين مختلف النظم البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
• الاهتمامات الوطنية: تضارب المصالح الوطنية بين الدول الأعضاء، حيث تسعى كل دولة لتحقيق أهدافها الاقتصادية والسياسية، مما يجعل من الصعب التوصل إلى توافق في الآراء.
• جائحة كوفيد-19: أدت الجائحة إلى تأخير العديد من الجهود الدولية لحماية التنوع البيولوجي، مما زاد من الضغط على المفاوضات.
• الافتقار للإرادة السياسية: رغم أهمية القضية، إلا أن بعض الدول لا تزال تفتقر للإرادة السياسية اللازمة لاتخاذ إجراءات حاسمة لمكافحة تغير المناخ وحماية التنوع البيولوجي.
من جهة أخرى، أبان الخبير البيئي عن عواقب فشل مفاوضات مؤتمر كوب 16 للتنوع البيولوجي، التي تمثلت في تسريع فقدان الأنواع وتدهور النظم البيئية، مما يهدد الأمن الغذائي وسبل عيش الملايين من الأنواع، و تفاقم آثار تغير المناخ، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة حدة الظواهر الجوية المتطرفة، وأيضا تدهور الأنظمة البيئية و فقدان خدماتها البيئية الهامة، مثل توفير المياه العذبة وتنظيم المناخ وتلقيح المحاصيل، ثم مساهمة كل هده العواقب في زيادة التفاوت بين الدول الغنية والفقيرة.
وأشار مصطفى بنرامل إلى أهم الإجراءات الواجب اتخادها في ظل هذا الفشل، حيث اكد على ضرورة تكثيف جهود المجتمع المدني والمنظمات البيئية لزيادة الضغط على الحكومات لاتخاذ إجراءات عاجلة لحماية التنوع البيولوجي، تعزيز التعاون الدولي بين الدول لتطوير حلول مبتكرة لمواجهة تحديات التنوع البيولوجي وتغير المناخ، وجوب دعم الحلول القائمة على الطبيعة، مثل إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة وحماية الغابات، كوسيلة فعالة لمكافحة تغير المناخ وحماية التنوع البيولوجي، و أكد على تغيير أنماط الاستهلاك والإنتاج نحو أنماط أكثر استدامة، مما يقلل من الضغط على الموارد الطبيعية.
أما فيما يخص إنجازات المؤتمر، فقد استحضر المتحدث أهمها، حيث تم الاعتراف بدور الشعوب الأصلية و اتخاذ خطوات مهمة لتعزيز مشاركتها في حماية التنوع البيولوجي، و تم الاتفاق على أهمية توسيع شبكة المناطق المحمية، ولكن التفاصيل التنفيذية لا تزال قيد المناقشة، دون إغفال إنشاء صندوق عالمي للموارد المستمدة من التسلسل الجيني الرقمي لضمان الاستفادة العادلة والمنصفة من الموارد الجينية.
ودعا بنرامل، في الأخير، إلى ضرورة تكاثف جهود الحكومات والشركات والمجتمع المدني لتجاوز الخلافات والتوصل إلى حلول مستدامة لمشكلة التنوع البيولوجي و لتنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها في مؤتمر كوب 16، مشددا على أن التحرك يجب أن يكون بشكل عاجل وحاسم لحماية كوكبنا للجيل الحالي والأجيال القادمة.