حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، في تقريرها الصادر يوم أمس الاثنين 12 ماي الجاري، بعنوان حالة المناخ في إفريقيا 2024 من أن التغيرات المناخية وأنماط الطقس الشديدة تؤثر سلبا على جميع جوانب التنمية الاجتماعية والاقتصادية في القارة، ما يؤدي إلى تفاقم الجوع وانعدام الأمن وزيادة معدلات الهجرة والنزوح. وأشار التقرير إلى أن العقد الماضي (2014-2023) كان الأكثر حرارة في تاريخ إفريقيا، بينما حلت سنة 2023 كثاني أو أول أكثر الأعوام حرارة، وفقا لاختلاف مصادر البيانات.
ارتفاع قياسي في درجات الحرارة
كشف التقرير أن متوسط درجة حرارة سطح الأرض في إفريقيا خلال سنة 2024 ارتفع بنحو 0.86°م مقارنة بمتوسط الفترة بين 1991 و2020، مع تسجيل شمال إفريقيا أعلى معدل ارتفاع بلغ 1.28°م، ما يجعلها المنطقة الأسرع احترارا في القارة. كما سجلت درجات حرارة سطح البحر حول إفريقيا مستويات غير مسبوقة، خاصة في المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، حيث امتدت موجات الحر البحرية سنة 2023 لتغطي أكبر مساحة منذ بدء القياسات سنة1993، لتشمل تقريبا جميع المناطق البحرية المحيطة بالقارة.
تداعيات متشعبة: من النظم البيئية إلى المجتمعات الساحلية
أوضح التقرير أن ارتفاع حرارة المحيطات يعطل النظم البيئية البحرية، ويزيد من حدة العواصف المدارية، كما يتسبب، مع ارتفاع منسوب مياه البحر، في تهديدات إضافية للمناطق الساحلية. وفي الوقت نفسه، كشفت البيانات عن نمط صارخ من الظواهر الجوية المتطرفة، حيث تعاني بعض الدول من فيضانات استثنائية بسبب أمطار غزيرة، بينما تواجه أخرى جفافا مزمنا ونقصا حادا في المياه.
تحديات متقاطعة: الزراعة، الصحة، الطاقة
سلط التقرير الضوء على تأثير التغيرات المناخية على قطاعات حيوية، منها:
– الزراعة: التي تعد مصدر رزق لملايين الأفارقة.
– الأمن المائي والغذائي: مع تزايد الضغوط على الموارد.
– الصحة والتعليم: بسبب تفاقم الكوارث الطبيعية.
– الطاقة: حيث تعاني الشبكات من أزمات متصاعدة.
فرص مواجهة التحديات: التكنولوجيا والإنذار المبكر
رغم الصورة القاتمة، أكد التقرير على وجود أدوات جديدة لتعزيز الصمود، مثل:
– استخدام الذكاء الاصطناعي والاتصالات المتنقلة لتحسين دقة التنبؤات الجوية.
– تعزيز خدمات الإنذار المبكر عبر مشاريع مثل مبادرة الإنذار المبكر للجميع.
لكن التقرير حذر من أن نجاح هذه الحلول يتطلب استثمارات أكبر في البنية التحتية الرقمية، وتحسين أطر تبادل البيانات، وتقديم خدمات أكثر شمولا.
وشددت سيليست ساولو، الأمينة العامة للمنظمة، على ضرورة تعزيز الإلحاحية في تحسين أنظمة الإنذار المبكر وبناء القدرة على التكيف، داعية الحكومات وشركاء التنمية والقطاع الخاص إلى تسريع الاستثمارات الذكية مناخي، مضيفة بأن “هذا التقرير ليس مجرد تحذير، بل دعوة للعمل الجماعي لمواجهة آثار متتالية تهدد مستقبل إفريقيا”.
في ظل تسارع وتيرة التغيرات المناخية، يذكر التقرير بأن إفريقيا، رغم مساهمتها الضئيلة في الانبعاثات العالمية، تتحمل العبء الأكبر، ما يستدعي تحولا عاجلا من الوعود المناخية إلى حلول ملموسة تنقذ الأرواح وتبني مستقبلا أكثر استدامة.