من التبعية إلى السيادة الطاقية..الطاقات المتجددة تقود التحول المغربي

ECO1712 مايو 2025
من التبعية إلى السيادة الطاقية..الطاقات المتجددة تقود التحول المغربي

يصنف المغرب ضمن أكثر الدول اعتمادا على الوقود الأحفوري المستورد، وهو ما تؤكده أحدث بيانات قاعدة “جمر” العالمية للطاقة (GEMR)، الصادرة في أبريل 2025، جيث تشير المعطيات إلى أن 91% من إجمالي الطاقة المستهلكة في البلاد تعتمد على واردات الوقود الأحفوري، مما يضع المغرب في المرتبة التاسعة عالميا ضمن هذه القائمة، إلى جانب دول مثل تايوان.

وتتصدر دول ومناطق صغيرة هذه القائمة، حيث تعتمد بشكل شبه كامل على مصادر طاقة مستوردة، من بينها جبل طارق بنسبة 100%، تليها كوراساو، هونغ كونغ، سنغافورة ومالطا بنسبة 99%، وتعكس هذه الأرقام هشاشة أمن الطاقة في هذه البلدان، التي لا تمتلك موارد طاقية محلية كافية، وتبقى رهينة للتقلبات العالمية في أسعار الطاقة وسلاسل الإمداد.

وتواجه المملكة تحديا كبيرا في تقليص تبعيتها للوقود الأحفوري، خاصة في ظل ارتفاع الطلب المحلي على الطاقة وتقلبات السوق الدولية، فنجد أن المغرب لا يمتلك احتياطيات كبيرة من النفط أو الغاز، إلا أن هذا لم يمنعه من بلورة رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز استقلاله الطاقي.

وتتبنى الحكومة، منذ سنوات، استراتيجية وطنية واضحة لتنمية الطاقات المتجددة، تستهدف رفع حصة الطاقات النظيفة إلى 52% من المزيج الكهربائي الوطني في أفق سنة 2030ن وتعد هذه الرؤية الطموحة ركيزة أساسية في مسار الانتقال الطاقي، خاصة أن المغرب يتوفر على إمكانات طبيعية هائلة، أبرزها وفرة أشعة الشمس وقوة الرياح، ما يجعله مرشحا ليصبح قطبا إقليميا في هذا المجال.

وتواصل المملكة استثمارها في مشاريع ضخمة لتعزيز هذا التحول، من أبرزها مركب نور ورززات للطاقة الشمسية، الذي يعد من أكبر المشاريع الشمسية في العالم، وينتظر أن يلعب دورا حاسما في تلبية جزء كبير من الحاجيات الكهربائية للبلاد، كما شرع المغرب في بلورة برامج طموحة في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، من خلال شراكات دولية واستثمارات طويلة الأمد، تسعى إلى جعل المملكة فاعلا رئيسيا في هذه السوق الناشئة.

وتبقى التجربة المغربية في ميدان الطاقة نموذجا مميزا تسعى من خلاله الدولة لتحقيق السيادة الطاقية وسط بيئة جغرافية واقتصادية معقدة، ونجد أنه أمام استمرار الاعتماد المرتفع على واردات الوقود الأحفوري، فإن المؤشرات تظهر مراهنة المغرب بقوة على الطاقات المتجددة كسبيل استراتيجي لبناء أمنه الطاقي، وتقليل تعرضه للتقلبات الخارجية.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept