صادق مجلس المستشارين، أول أمس الثلاثاء، على مشروع قانون حماية التراث الوطني، في خطوة تشكل تحولاً نوعياً وغير مسبوق في مقاربة المغرب لمسألة صون ذاكرته الجماعية وتثمين موروثه الثقافي والطبيعي.
ويندرج هذا القانون ضمن رؤية استراتيجية جديدة تتبناها وزارة الشباب والثقافة والتواصل، حيث يوسع التعريف القانوني للتراث ليشمل جوانب متعددة كانت مغيبة في القوانين السابقة، كالمكونات الطبيعية والجيولوجية والبحرية، والتراث الثقافي غير المادي، بما في ذلك العادات والتقاليد والفنون الشعبية والمهارات الحرفية، فضلاً عن التراث المغمور تحت المياه، من حطام سفن وآثار غارقة عمرها يفوق القرن.
ولعل من أبرز مستجدات القانون، إحداث سجل وطني شامل للتراث، يُقسّم إلى ست فئات رئيسية، ويتوخى أن يكون قاعدة بيانات مرجعية تُستخدم في التخطيط الثقافي وحماية الذاكرة الوطنية من الإهمال أو التلاشي أو الاستغلال غير المشروع.
كما يعترف القانون الجديد بـ”المجموعات التاريخية” ككيانات قائمة بذاتها، تشمل المدن العتيقة والقصور والقصبات والقرى التراثية، لما تحمله من رمزية عمرانية وهوية متكاملة. وقد شدد الوزير محمد المهدي بنسعيد على أن النص يُدخل مفاهيم ومعايير حديثة مستلهمة من اليونسكو، ويمثل “تحولاً مؤسساتياً في حماية التراث الوطني”.
من جانبه، أكد الوزير المنتدب مصطفى بايتاس، خلال تقديمه للقانون بمجلس المستشارين، أن النص يؤسس لتقاطع فعّال بين الثقافة والبيئة والعلم والتنمية المجالية، ويعكس وعياً رسمياً بأهمية صون التراث بكل تجلياته.
ولا يكتفي القانون بالحماية، بل يؤسس لرؤية تنموية تجعل من التراث دعامة للاستثمار في السياحة الثقافية، وترميم المعالم، ودعم الصناعات الإبداعية، بما يخلق فرص شغل ويعزز السيادة الثقافية ويكرس الهوية الوطنية في مواجهة التحولات المتسارعة.