تظهر الثقافة الأمازيغية، منذ القدم، كنموذج يحتذى به في احترام البيئة وحمايتها، حيث تنبع قيمها من ارتباط وثيق بالطبيعة وتقدير مكوناتها باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية، وتعكس هذه الثقافة رؤية متناغمة تجمع بين الإنسان وبيئته، مما يجعلها مصدر إلهام في زمن تتزايد فيه التحديات البيئية.
مكانة الطبيعة في التراث الأمازيغي
يولي الأمازيغ أهمية كبيرة للطبيعة في مختلف جوانب حياتهم، و يظهر التراث الشفهي، مثل الأمثال والحكايات الشعبية، تمجيدا للطبيعة وضرورة الحفاظ عليها، حيث تنقل هذه الأمثال دروسا تعزز مفهوم الاستدامة، مثل: “الأرض أم تُطعم ولا تهان“.
جعل هذا الارتباط الوثيق بالطبيعة سكان المناطق الجبلية الأمازيغية يتبعون أساليب زراعية تقليدية مستدامة، مثل نظام “أغري نواكال“، الذي يضمن تقاسم المياه والموارد بشكل عادل بين أفراد المجتمع.
المعارف التقليدية في خدمة البيئة
ساهمت المعارف التقليدية في الثقافة الأمازيغية في حماية التنوع الإيكولوجي، حيث انه من خلال التدبير العرفي، طور الأمازيغ أنظمة تنظم استغلال الموارد الطبيعية بشكل متوازن يحافظ على ديمومتها، ويتمظهر ذلك مثلا من خلال اعتبار شجرة الأركان رمزا بيئيا واقتصاديا مهما، حيث يحرص السكان على رعايتها وحمايتها من خلال أعراف وقوانين محلية تعكس وعيا بيئيا متقدما.
طقوس وأعياد تحتفي بالطبيعة
تجسد الطقوس والأعياد الأمازيغية احتراما للطبيعة ودورها في استمرارية الحياة، ويحتفل بعيد “إيض يناير” (رأس السنة الأمازيغية) كرمز للتجدد والخصوبة، وهو مناسبة يقدر فيها السكان الأرض وما تقدمه من خيرات، مبرزة الارتباط الروحي بالطبيعة، مما يشجع على التعايش السلمي مع البيئة.
نموذج للتعلم في مواجهة التحديات البيئية
بينما يواجه العالم تحديات بيئية متزايدة، تعد القيم البيئية في الثقافة الأمازيغية مصدر إلهام للحلول المستدامة، ويعكس الاهتمام بالأرض والموارد الطبيعية وحرص الأمازيغ على استدامتها نموذجا عمليا يمكن دمجه في الجهود العالمية لتحقيق العدالة البيئية.
ختاما، تبرز الثقافة الأمازيغية دور الإنسان كحارس للطبيعة، لا كمستغل لها، وهذا التوازن الفريد بين الإنسان وبيئته يمثل إرثا ثقافيا ثمينا يجب أن يحتفى به، ويستخدم كنقطة انطلاق لتعزيز الوعي البيئي وطنيا وعالميا.