التصوير الفوتوغرافي البيئي نموذج للإبداع

ECO1711 ديسمبر 2024
المصورة كريستينا ميترمير مع صورة غلاف كتابها "الأمل"
المصورة كريستينا ميترمير مع صورة غلاف كتابها "الأمل"
إيمان بنسعيد

أصبحت قضايا الحفاظ على البيئة وحمايتها من التدهور أكثر إلحاحا من أي وقت مضى؛ وبينما تزداد التحديات البيئية، يبرز دور التصوير الفوتوغرافي كأداة قوية لتوثيق هذه القضايا ونقلها إلى الجمهور بشكل مؤثر، حيث يظهر التصوير الفوتوغرافي كوسيلة فنية ذات قوة خاصة، قادرة على إبراز الجمال الهش للطبيعة وأيضا المعاناة التي تتعرض لها النظم البيئية، فالتصوير أصبح ف أكثر من مجرد فن، فهو بمثابة أداة للوعي والحث على العمل.

وبرز هذا المجال بشكل كبير مع ظهور مصورين عدة، مثل كريستينا ميترمير، التي تستخدم عدستها لتوثيق المعاناة والمرونة التي تظهرها الطبيعة، بما يساهم في نشر الوعي البيئي وتحفيز الجماهير على اتخاذ خطوات ملموسة لحماية كوكبنا.

من الطبيعة إلى العدسة: رحلة كريستينا ميترمير

نشأت كريستينا ميترمير في ضواحي شبه ريفية بالمكسيك، حيث كانت الطبيعة محيطا يثير فضولها ويغذي خيالها، حيث دفعها هذا الشغف منذ الطفولة لدراسة علم الأحياء البحرية، فكانت أحلامها الأولى تتمحور حول دراسة الحيتان، لكن على الرغم من حبها لهذا المجال، اكتشفت في وقت مبكر التأثيرات المدمرة للصيد الصناعي، الشيء الذي جعلها تغير مسارها المهني.

وفي حديثها مع مجلة مونغاباي ، أكدت كريستينا: “ما أردت القيام به هو الصراخ بأعلى صوتي ليفهم العالم أجمع مدى أهمية المحيط وهشاشته” . ومن هنا بدأت رحلة اكتشاف التصوير الفوتوغرافي كأداة أكثر فعالية لنقل هذا النداء إلى جمهور واسع، حيث وجدت أن التصوير لا يقتصر فقط على التوثيق، بل يمكن أن يكون جسرا بين الحقائق العلمية والعاطفة الإنسانية.

التصوير البيئي كأداة للحفاظ على الطبيعة

لقد جابت كريستينا ميترمير العالم من المناطق القطبية إلى الغابات الاستوائية، حاملة كاميراتها لالتقاط لحظات نادرة تظهر العلاقة بين الإنسان والطبيعة، حيث لا تظهر صورها لتهديدات البيئية فقط ، ولكن أيضا التفاعل الجميل بين المجتمعات الأصلية والنظم البيئية التي يعتمدون عليها. ووفقا لميترمير، فإن التصوير الفوتوغرافي يعتبر” طبا بصريا “، فهو يوازن بين الحقائق المرة والمحفزة.

وتظهر أعمال ميترمير، أن التصوير البيئي ليس مجرد تسجيل للمشاهد البيئية بل هو وسيلة قوية لإلهام الناس لاتخاذ إجراءات حقيقية من أجل حماية كوكب الأرض. كما تسلط صورها الضوء على المجتمعات الأصلية التي تسعى لحماية التنوع البيولوجي، مشيرة إلى ضرورة احترام معارفهم وممارساتهم التقليدية التي تساهم في الحفاظ على البيئة.

كتاب “الأمل”: الدعوة للعمل البيئي

يعد كتابها الأخير الذي يحمل عنوان “الأمل“،  أحد أبرز أعمال كريستينا ميترمير ، حيث يعتبر دعوة للتفاؤل والعمل، يسلط الضوء على الحلول والإنجازات التي حققها الأفراد والمجتمعات في مواجهة التحديات البيئية، ويتضمن 130 صورة تم اختيارها بعناية لتغطي مواضيع الحياة البرية، المحيطات، والأنواع المهددة بالانقراض، مع التركيز على القصص التي تبرز الأمل في التغيير.

أظهرت ميترمير، من خلال هذا الكتاب، كيف يمكن للتحرك الجماعي والوعي البيئي أن يؤدي إلى تغييرات ملموسة، ففي حديثها مع مجلة مونغاباي، عن مشروع “الأمل” ، قالت: “لم نقم فقط بإزالة المخاطر المالية للمشروع؛ بل خلقنا شعورا بالمجتمع والغرض المشترك” .

التأثير العميق للتصوير البيئي: تحفيز العمل من خلال الفن

على الرغم من أن التصوير البيئي يعتبر فنا، إلا أنه أصبح أداة مؤثرة في رفع الوعي البيئي وتحفيز العمل، فصور ميترمير، كالصورة الشهيرة لدب قطبي جائع ، تظهر القدرة الهائلة للصور في إيقاظ مشاعر الناس وتحفيزهم للانخراط في العمل البيئي، فرغم تحديات التضليل والإنكار التي قد تواجه قضايا البيئة، فإن هذا النوع من التصوير الفوتوغرافي يثبت قوته في تحفيز التفكير الجماعي والتأثير على القرارات السياسية والبيئية.

الحاجة الملحة للتكوين في مجال التصوير البيئي

تستمر رحلة كريستينا ميترمير في إلهام الأجيال القادمة، حيث تسعى دائما إلى تمكين الشباب في مجال الحفاظ على البيئة. واليوم، مع تزايد الوعي البيئي، تبرز الحاجة الملحة لتكوين محترفين في هذا المجال الذي يمزج بين الفن والعلم، حيث يمكن اعتبار التصوير البيئي مجالا يتطلب تكوينات أكاديمية ومهنية تخصصية، لإعداد الجيل الجديد من المصورين البيئيين القادرين على استخدام كاميراتهم كأداة فعالة في التحفيز على الحفاظ على كوكبنا. فكيف يمكننا تفعيل برامج تدريبية متخصصة في هذا المجال لتعزيز الوعي البيئي في المجتمعات المحلية والعالمية؟

المصدر عن بوابة مونگاباي - بتصرف
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق