يوسف الكمري، باحث واستشاري في قضايا النوع الاجتماعي والتنمية المستدامة
أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في عام 2012، يوم 21 مارس/آذار اليوم العالمي للغابات، ويُحتفل في هذا اليوم بالغابات بشتى أنواعها وتجري التوعية على أهميتها. وتُشجّع البلدان في كل يوم عالمي للغابات على بذل الجهود على المستويات المحلية والوطنية والدولية للاضطلاع بأنشطة خاصة بالغابات والأشجار، على غرار حملات غرس الأشجار.
خلال هذه السنة 2025، اختيرت الغابات والأغذية لتكون موضوع اليوم الدولي احتفاءً بالأدوار الأساسية التي تؤديها الغابات بالنسبة إلى الأمن الغذائي والتغذية وسبل العيش. الأكيد على أن الغابات تدعم خصوبة التربة وتحمي موارد المياه وتوفر موائل للتنوع البيولوجي، بالإضافة إلى تأمين الغذاء والوقود والدخل وفرص العمل. وهي أساسية لبقاء المجتمعات المحلية التي تعتمد على الغابات، لا سيما الشعوب الأصلية، وتسهم في التخفيف من حدة التغيرات المناخية من خلال اختزان الكربون.
وقد أظهرت مجموعة من الدراسات أن أحد العوامل الرئيسية الكامنة وراء إزالة الغابات هو الحاجة إلى تلبية احتياجات سكان كوكب الأرض الآخذ عددهم في التزايد. وبينما نحتفل باليوم الدولي للغابات تحت شعار “الغابات والأغذية”، يجب علينا أن نُعالج بشكل عاجل مسألة كيفية ضمان الأمن الغذائي للجميع مع حماية الغابات التي تُعدّ أساسيةً لنظمنا الزراعية والغذائية. ويكمن الحل في اعتماد حلول تجمع بين الزراعة والغابات معًا، وتشجيع الإدارة المستدامة للغابات وتمكين المجتمعات المحلية، خصوصاً النساء القرويات – في الأرياف – من ترشيد استخدام الموارد الغابوية والحفاظ على الإنتاجية وعلى الوظيفة التي تؤديها الغابات في حماية البيئة.
وتعمل العديد من المنظمات الدولية والاقليمية على تنفيذ أنشطة تدريبية لفائدة هذه المجتمعات المحلية من أجل تزويدها بمجموعة متنوعة من فرص توليد الدخل. ورغم تمتع المرأة القروية / الريفية في بعض مناطق العالم بمستويات عالية من التعليم ومشاركتها في الأنشطة الاقتصادية، إلا أنّ مشاركتها في عملية صنع القرارات المتعلقة بإدارة واستغلال الغابات تكاد تكون معدومة بالكامل وهي تعاني من محدودية الوصول إلى المعلومات والممتلكات. وهذا ما يجعل أنشطة التدريب تركز على النساء، خاصة اللواتي ينتمين إلى أسر معيشية فقيرة.
كما تؤكد نتائج عدد من الدراسات والمشاريع المنجزة، تعلّم العديد من النساء القرويات/الريفيات تقنيات كيفية إنتاج مصنوعات يدوية غير خشبية ومراعية للبيئة من أجل بيعها. وحققت تلك النساء زيادة في دخلهن بفضل مهاراتهن الجديدة أو المحسّنة، الأمر الذي مكنهنّ من خفض اعتمادهن على الرعي وقطع الأشجار وتحسين تغذية وسبل عيش أطفالهن وأسرهن.
كما عملت بعض المنظمات غير الحكومية الدولية، بالتعاون الوثيق مع الشركاء الوطنيين ومؤسسات الدولية التي تعنى بإدارة الغابات، بوضع استراتيجية للمساواة بين الجنسين من أجل تمكين المرأة في المجتمعات المحلية المعتمدة على الغابات، وذلك من أجل استدامة هذا المشروع، تجربة أوزبكستان أنموذجاَ، بحيث تهدف هذه الاستراتيجية إلى الحد من أوجه عدم المساواة بين النساء والرجال وتمكين التكافؤ في فرص العمل وفي الوصول إلى الموارد الحرجية والمراعي، بما في ذلك الوصول إلى المناصب التي تمكّن من صنع القرارات والمناصب الإدارية في هذا القطاع. وقد سلطت هذه الاستراتيجية الضوء على مساهمة المرأة في الاقتصاد عبر قطاع الغابات وأكدت إلى ضرورة تحسين البنية التحتية في المناطق القروية / الريفية والنائية، ما سيترك أثرًا هامًا على الوضع الاقتصادي للمرأة.
وفي الختام، يُعدّ تمكين النساء القرويات / الريفيات عن طريق مساعدتهنّ على تنويع دخلهنّ وزيادة فرصهنّ الاقتصادية. ومن شأن ذلك أن يؤدي في نهاية المطاف إلى تحسين سبل عيش جميع المجتمعات المحلية المعتمدة على الموارد الغابوية، حيث سيترك آثارًا إيجابية كبيرة على التخفيف من وطأة الفقر واستخدام الغابات على نحو مستدام وتأمين حياة أفضل للجميع.
ويتعيّن علينا، كمجتمع مدني، أن نؤكد على أهمية الغابات كجسر رئيسي من أجل إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في عملية التنفيذ بناءً على توجيهات الأفضليات الأربع أي إنتاج أفضل، تغذية أفضل، بيئة أفضل، وحياة أفضل – من دون ترك أي أحد خلف الركب. ,ايضا الدعوة إلى مواكبة ودعم الساكنة المحلية والرُعاة، من خلال تنمية الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ومنح إعانات للنساء القرويات لتشجيع مشاريع زراعة أشجار غابوية مثمرة والنباتات العطرية والطبي، والعمل على تنمية السياحة البيئية في المناطق المحمية بما يُراعي خصوصياتِها الثقافية والترابية والايكولوجية.