واقع الترافع البيئي في المغرب..

ECO1710 مايو 2025
واقع الترافع البيئي في المغرب..
خديجة مبتسم

كشف تقرير صادر، يوم أمس، عن المعهد المغربي لتحليل السياسات، عن واقع الترافع البيئي في المغرب، مسلطا الضوء على التحديات الهيكلية التي تواجه النشطاء ومنظمات المجتمع المدني، إلى جانب الاستراتيجيات المبتكرة التي يعتمدونها لمواجهة التدهور البيئي.

ويستند التقرير، الذي حمل عنوان الترافع البيئي في المغرب، إلى أبحاث ميدانية شملت مقابلات مع ناشطين ودراسات حالة في مناطق مثل فكيك وطنجة والقنيطرة، مقدما تحليلا شاملا للتفاعل بين العوامل البيئية والاجتماعية والسياسية.

التحديات البيئية: بين شح المياه والتمييز المؤسساتي
يواجه المغرب ضغوطا بيئية متصاعدة، أبرزها شح الموارد المائية الذي تفاقم بسبب تغير المناخ، حيث تنخفض حصة الفرد من المياه سنويا إلى أقل من 650 مترا مكعبا، مقارنة بـ 2.500 متر في السبعينيات. كما تعاني مناطق مثل فكيك من تدهور أنظمة الري التقليدية بالخطارات بسبب السياسات المركزية وخوصصة المياه بموجب القانون 36-15، ما أثار احتجاجات محلية تطالب بالحفاظ على الحقوق التاريخية للمجتمعات.

ولا تقتصر التحديات على الموارد المائية، فـالتلوث والتصحر والافتقار إلى إدارة النفايات تتفاقم بسبب ضعف التنسيق بين المؤسسات. وكشف التقرير أن 60% من المنظمات البيئية تواجه صعوبات في الوصول إلى البيانات الرسمية، ما يعيق جهود الترافع القائمة على الأدلة.

النساء والشباب: قيادة التغيير من القاعدة
برز دور النساء بشكل لافت في قيادة الحركات البيئية، خاصة في المناطق المهمشة. ففي فكيك، قادت النساء حركة المياه ضد خوصصة الموارد، مستندات إلى أدوارهن التقليدية في إدارة المياه. وقد نجحن في حشد دعم محلي ودولي، رغم العقبات البيروقراطية. كما مثلت مبادرات الشباب في طنجة والقنيطرة نموذجا لترافع رقمي ناجح، عبر منصات التواصل الاجتماعي وحملات التشجير.

الفجوة بين السياسات الوطنية والواقع المحلي
رغم التقدم في الأطر القانونية، مثل دستور 2011 الذي يكفل الحق في بيئة سليمة، لا تزال السياسات البيئية تعاني من مركزية شديدة. وأشار التقرير إلى أن 44% من المنظمات تعتبر تقلص الفضاء المدني عقبة رئيسية، فيما تواجه 56% منها صعوبات في التمويل، ما يحد من تأثيرها.

ومن الأمثلة الصارخة، منطقة المرجة الزرقاء بالقنيطرة، التي نجح ناشطون في حمايتها عبر اتفاقية رامسار بعد تحالفات استراتيجية مع منظمات دولية، لكن مثل هذه النجاحات تظل استثنائية في ظل غياب آليات دعم مؤسسية.

قدم التقرير سلسلة توصيات لتعزيز العدالة البيئية، منها:
1. مراجعة القانون 36-15 لدمج الحقوق المائية التاريخية للمجتمعات المحلية.
2. إنشاء منصة وطنية موحدة للبيانات البيئية لتعزيز الشفافية.
3. تمكين النساء والشباب عبر برامج تدريبية وتمويل مستهدف.
4. تعزيز اللامركزية بإشراك السلطات المحلية في صنع القرار.
5. بناء تحالفات إقليمية مع دول الجوار لمواجهة التحديات المشتركة مثل ندرة المياه.

صمود في مواجهة التعقيدات
رغم التحديات، يبرز التقرير إصرار الناشطين على تحويل التعبئة الشعبية إلى إصلاحات ملموسة. ففي فكيك، مثلا، أصبحت الاحتجاجات الأسبوعية رمزا لمقاومة التهميش، بينما تحولت مبادرات الطاقة المتجددة إلى جزء من الخطاب الوطني.

كما يحذر التقرير من أن عدم معالجة الفجوات المؤسسية قد يفاقم الأزمات، خاصة مع توقعات بوصول عدد المتأثرين بالفقر المدقع بسبب المناخ إلى 135 مليونا عالميا خلال خمس سنوات. وفي ظل هذا السياق، يصبح دعم المجتمع المدني ليس خيارا، بل ضرورة لضمان مستقبل مستدام للمغرب ومنطقته.

______________________

الترافع البيئي في المغرب: التحديات، الاستراتيجيات، والعوائق المؤسساتية


 

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept