أكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، خلال مشاركته في ورشة وزارية رفيعة المستوى بجنيف، أن تحقيق السيادة الصحية في إفريقيا، بما فيها المغرب، يمر عبر إصلاح شامل ومتكامل لآليات التمويل الصحي، يستند إلى مبادئ التنبؤ، الاستدامة، والنجاعة. وأبرز الوزير أن التمويل الصحي يمثل أولوية استراتيجية ومحورا رئيسيا لتمكين السكان من ولوج خدمات علاجية ذات جودة وتعزيز قدرة النظم الصحية على الصمود في وجه التحديات.
وفي استعراضه للتجربة المغربية، شدد التهراوي على أهمية النماذج التمويلية الهجينة التي تجمع بين الموارد العمومية، الاقتطاعات الاجتماعية، والشراكات مع القطاع الخاص، معتبرا إياها رافعة لتحقيق تغطية صحية شاملة. وأشار إلى أن المغرب شهد تطورا ملموسا في هذا المجال، حيث تضاعفت ميزانية وزارة الصحة ثلاث مرات بين 2010 و2025 لتبلغ 32,6 مليار درهم، أي حوالي 7,2% من الميزانية العامة للدولة.
وأوضح أن هذه الميزانية توزع بين 23,57 مليار درهم مخصصة للتسيير و9 ملايير درهم للاستثمار، مما يعكس التزام الحكومة بتنزيل الإصلاحات المهيكلة، وعلى رأسها إصلاح المنظومة الصحية الوطنية.
بين الطموح والتنزيل: رهانات الواقع
ورغم أهمية هذه التوجهات والطموحات والطرح الذي اقترحه وزير الصحة، فإن العديد من أطر القطاع من مسيري وحدات الصحة ومهنيي الصحة يرون بأن التمويل وحده لا يكفي إذا لم يكن مقرونا بتدابير أخرى، لأن التنزيل الفعلي على أرض الواقع، لكل السياسات العمومية الصحية، يواجه عددا من التحديات، أبرزها ضعف نجاعة تدبير الموارد، والنقص في الكفاءات البشرية، ومحدودية التنسيق بين الفاعلين العموميين والخواص. كما أن تعميم التغطية الصحية وتوسيع الولوج المتكافئ للخدمات يظل رهينا بإصلاحات موازية في منظومة الحكامة وتوزيع الموارد عبر الجهات.
ولتحقيق الأثر المرجو من هذه السياسات، يتعين تسريع وتيرة الإصلاحات المؤسساتية، وضمان تتبع شفاف للتمويلات، مع تحفيز الاستثمار في البنيات التحتية وتكوين الموارد البشرية، بما يترجم الرؤية إلى واقع صحي أكثر عدالة وفعالية.