قدمت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي، أمام البرلمان تقريرا شاملا يتناول الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية لسنة 2025 ، الذي يهدف إلى تعزيز الاقتصاد الوطني، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي، ومواجهة التحديات البيئية والاقتصادية باعتباره خطوة حاسمة في استجابة المغرب للتحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة .
يأتي إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2025 بالتزامن مع الذكرى الخامسة والعشرين لتربع جلالة الملك محمد السادس على العرش، و تعتبر السيدة الوزيرة أنه “العهد الذي عرف مسارا تنمويا شاملا أبدعه وقاده الملك منذ ربع قرن مترجما بذلك رؤية ملكية واضحة لمشروع مجتمعي إصلاحي متكامل” كما أضافت أن “خيطه الناظم يتجلى في تحقيق التوازن بين الطموحات والإمكانات، وبين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للتنمية”.
و أقرت نادية فتاح العلوي، أن البلاد تواجه مجموعة من التحديات، منها الاقتصادية والبيئية، بحيث يتطلب الوضع مواجهة الأزمات العالمية مثل التضخم والتغير المناخي، وأكدت في هذا السياق أن الحكومة تعمل بجد لتقليل تأثير هذه الأزمات على الاقتصاد الوطني، و أن المرحلة المقبلة تتطلب مزيدا من الجهود للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
و تطرقت السيدة الوزيرة في حديثها، إلى الإصلاحات التي ستدعم الفئات الهشة والمهمشة في المجتمع، وأوضحت أن “تحقيق العدالة الاجتماعية هو هدف أساسي للحكومة”، مشيرة إلى أن مشروع قانون المالية يتضمن إجراءات لدعم الأسر الفقيرة، مثل برنامج الدعم المباشر للسكن الاجتماعي وتحسين الخدمات الأساسية في المناطق الريفية والنائية.
وفي هذا الإطار، أكدت الوزيرة أن الحكومة ستسرع بتنفيذ برنامج إعادة بناء المناطق التي تضررت جراء زلزال الحوز، بالتعاون مع وكالة تنمية الأطلس الكبير، بحيث يهدف هذا البرنامج إلى توفير تمويل كاف لإعادة تأهيل البنية التحتية وتحسين الظروف المعيشية للسكان المتضررين.
كما أشارت إلى أن مشروع قانون المالية يركز على تعزيز الدولة الاجتماعية من خلال توسيع التغطية الصحية الإجبارية لتشمل الفئات المعوزة، مع تقديم دعم مباشر للأسر المستحقة، والذي تم تحديده في 500 درهم لكل أسرة مستفيدة.
كما تحدثت الوزيرة عن التوجهات الاقتصادية للدولة، و أهمية تعزيز الاستثمارات من خلال “تحفيز دينامية الاستثمار” خاصة في القطاعات الاستراتيجية مثل الزراعة والسياحة والطاقات المتجددة، وشددت على أن الحكومة ستعمل على تحسين مناخ الأعمال لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، مع إعطاء أولوية للمشاريع التي تساهم في خلق فرص عمل وتعزيز النمو الاقتصادي.
و في هذا السياق، أوضحت العلوي أن الحكومة ستواصل جهودها في مجال الاستثمار من خلال إنشاء المرصد الوطني للاستثمار وتطوير المراكز الجهوية، كما تعتزم الحكومة رفع ميزانية الاستثمار العمومي إلى 340 مليار درهم، مع التركيز على الأوراش الكبرى مثل استراتيجية “الجيل الأخضر” ومشاريع الهيدروجين الأخضر، بجانب مشاريع كأس العالم 2030.
من جهة أخرى، تحدثت نادية فتاح العلوي عن أهمية تدبير الموارد المائية، مشيرة إلى أن الحكومة ستسرع من تنفيذ البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب عبر بناء سدود جديدة وتعزيز مشاريع تحلية المياه.
وفيما يتعلق بالتعليم والصحة، أكدت الوزيرة أن الحكومة ملتزمة بتعزيز هذين القطاعين، مشيرة إلى أن “التعليم الجيد والرعاية الصحية المتكاملة هما ركيزتان أساسيتان لتحقيق التنمية المستدامة”، وأعلنت عن تخصيص موارد مالية كبيرة لدعم التعليم الأساسي والصحة العامة، مشيرة إلى أن الحكومة ستواصل الاستثمار في البنية التحتية لتحسين جودة الخدمات المقدمة.
وأشارت أيضا، إلى التزام الحكومة بتسريع وثيرة الإصلاحات في مجال العدالة ومحاربة الفساد، مؤكدة على ضرورة “تحقيق النزاهة والشفافية في كافة القطاعات”، كما أعلنت عن خطط لتعزيز الحكامة وتبسيط الإجراءات الإدارية، بهدف تحسين الأداء الحكومي وضمان استجابة أفضل لتطلعات المواطنين.
وختمت الوزيرة كلمتها بالتأكيد على أن الحكومة عازمة على مواجهة التحديات بمسؤولية وجدية، مشيرة إلى أن “العمل المشترك بين الحكومة والبرلمان هو السبيل الأمثل لتحقيق الأهداف المسطرة في مشروع قانون المالية”، وأضافت أن الحكومة ستواصل العمل على تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، مع الحفاظ على المكتسبات وتطويرها بما يواكب تطلعات الشعب المغربي.
يمكن القول أن كلمة وزيرة الاقتصاد والمالية ، رسمت خطة واضحة الملامح لمشاريع قانون المالية لسنة 2025 ، تقوم على أساس تعزيز العدالة الاجتماعية، دعم الاستثمار بحيث يهدف المشروع إلى تحقيق التوازن بين الاستثمار العام والخاص وتعزيز التنمية المستدامة، بالإضافة إلى تطوير القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة، مما يعكس التزام الحكومة بتنفيذ رؤية شاملة للتنمية المستدامة في ظل التحديات الراهنة، وتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين والمساهمة في النمو الاقتصادي.