بنك التنمية الجديد لمجموعة البريكس يرحب بانضمام المغرب كعضو جديد..خطوة نحو تعزيز التعاون الجنوب-جنوب.
أعلن بنك التنمية الجديد NDB, التابع للمجموعة, رسميا عن ترحيبه بانضمام المغرب كعضو جديد، خلال القمة السنوية للمجموعة التي عقدت مؤخرا في جوهانسبرغ. يعتبر هذا القرار نقلة استراتيجية لتوسيع نفوذ البنك في إفريقيا والمنطقة العربية، وتعزيز الشراكات بين الاقتصادات الناشئة.
الخلفية التاريخية
تأسس بنك التنمية الجديد NDB سنة 2015 بمبادرة من دول البريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا)، بهدف تمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة في الدول الأعضاء والدول الصديقة. وعلى عكس مؤسسات بريتون وودز التقليدية مثل البنك الدولي، يركز البنك على مبادئ “الشراكة المتكافئة” وتمويل المشاريع المرتبطة بالطاقة المتجددة والتكيف مع التغيرات المناخية.
المغرب.. بوابة البريكس نحو إفريقيا وأوروبا
يأتي انضمام المغرب كأول دولة عربية وإفريقية غير مؤسسة للبنك، بعد سلسلة من المفاوضات السرية التي استمرت لأشهر. وتحظى المملكة، الواقعة عند مفترق طرق ثلاث قارات، بموقع جيوستراتيجي يجعلها جسرا اقتصاديا بين إفريقيا وأوروبا، إلى جانب ريادتها في مشاريع الطاقة الخضراء، مثل مجمع نور للطاقة الشمسية في ورزازات، والذي قد يكون نموذجا لمشاريع ممولة من البنك مستقبلا.
في تصريح لـ”الأخبار الاقتصادية”، قال رئيس البنك، ديلما روسيف: “انضمام المغرب يُثري رؤيتنا لتعزيز التعاون متعدد الأقطاب. نحن نرى في المملكة شريكا استراتيجيا قادرا على قيادة مشاريع تنموية في المنطقة، خاصة في مجالات النقل المستدام والتحول الطاقي”.
تداعيات القرار على المشهد الجيوسياسي
يرى محللون أن انضمام المغرب إلى البنك يرسل رسالة واضحة حول توجه مجموعة البريكس لتحديد أولوياتها خارج الإطار الغربي، خاصة مع توسع العضوية مؤخرا لضم دول مثل الإمارات ومصر وبنغلاديش. كما تعتبر الخطوة جزءا من استراتيجية المغرب الطموحة لتعزيز تحالفاتها مع الكتل الاقتصادية الناشئة، في ظل سعيها لجذب الاستثمارات وتنويع شركائها بعيدا عن التبعية التقليدية للاتحاد الأوروبي.
من الناحية العملية، سيفتح الانضمام أبواب التمويل أمام مشاريع المغرب الكبرى، مثل خط السكك الحديدية الفائق السرعة بين الدار البيضاء وأكادير، ومشاريع تحلية مياه البحر، إلى جانب دعم خطط المملكة لتصدير الطاقة الخضراء إلى أوروبا عبر الكابل البحري “إكس لينك”. وفقا لوثائق البنك، فقد خُصصت حزمة تمويل أولية بقيمة 1.5 مليار دولار لدعم هذه المبادرات.
تحديات مستقبلية
رغم التفاؤل الرسمي، يطرح بعض الخبراء تساؤلات حول مدى توافق سياسات البنك مع الأولويات المحلية للمغرب، خاصة في ظل اشتراطات الحكامة البيئية والاجتماعية الصارمة التي يفرضها البنك. كما يشير محللون إلى أن القرار قد يثير حفيظة الشركاء التقليديين للمغرب، مثل الولايات المتحدة، التي تعارض توسع نفوذ البريكس في مناطقها الحيوية.
انضمام المغرب إلى بنك التنمية الجديد ليس مجرد حدث اقتصادي، بل علامة على تحولات أعمق في النظام العالمي. فبينما تسرع دول البريكس خطاها لخلق نظام مالي بديل، يظهر المغرب مرة أخرى كـ”لاعب جيوستراتيجي” بارع في توازن التحالفات. قد تكون هذه الخطوة بداية لمزيد من الانضمامات العربية والإفريقية، وإعادة لرسم خريطة التكتلات الاقتصادية في عصر الأقطاب المتعددة.