كشفت دراسة رائدة عن أن اتباع نظام غذائي متوسطي قليل الدسم، إلى جانب النشاط البدني الخفيف، يمكن أن يحافظ على قوة عظام النساء بعد سن الخمسين.
عند انقطاع الطمث، وبدون التأثير الوقائي للهرمونات، تفقد عظام النساء كثافتها. ولكن هل فقدان العظام أمر حتمي بعد سن الخمسين؟. ربما لا! فقد أثبت فريق من الباحثين الإسبان أنه من الممكن إبطاء هشاشة العظام دون الحاجة بالضرورة إلى الخضوع لعلاج بالهرمونات.
اكتشف هؤلاء الباحثون من جامعة غرناطة أن مزيجا بسيطا من نظام غذائي بسيط مستوحى من النظام الغذائي المتوسطي والنشاط البدني المنتظم لن يبطئ هذا التآكل فحسب، بل سيحافظ أيضا على كثافة العظام لدى النساء بعد انقطاع الطمث؛ فتكون النتيجة هي احتفاظ النساء بعظام أقوى، بدون عقاقير طبية.
نظام غذائي مفيد للعظام..
بحثت الدراسة، التي نُشرت للتو في مجلة JAMA Network Open، في مشكلة أساسية لملايين النساء في سن اليأس: كيف يمكن وقف ضعف الهيكل العظمي المرتبط بالعمر، مع التحكم في الوزن؟
راقب الباحثون آثار اتباع نظام غذائي متوسطي منخفض السعرات الحرارية مع ممارسة الرياضة البدنية والدعم السلوكي على مدى ثلاث سنوات، وذلك باستخدام أكثر من 900 مشاركة تتراوح أعمارهن بين 55 و75 عاما. وكانت النتائج قاطعة: فقد شهدت المشاركات، اللاتي اتبعن البروتوكول، ثبات كثافة المعادن في عظام أسفل الظهر bone mineral density، بينما عانت المجموعة الضابطة من فقدان كبير في العظام.
ونظام غذائي مفيد لمحيط الخصر..
أجريت الدراسة في عدة مستشفيات إسبانية، استهدفت النساء اللاتي يعانين من زيادة الوزن والسمنة، وجميعهن يعانين من متلازمة التمثيل الغذائي، وهي مجموعة من عوامل الخطر التي تزيد من فرص الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أو مرض السكري.
يلخص هيكتور فاسكيز لورينتي Héctor Vázquez-Lorente، أخصائي التغذية في جامعة غرناطة University of Granada والمؤلف الرئيسي للدراسة، المشكلة على النحو التالي: “عند النساء المسنات، يمكن أن يؤدي أي فقدان كبير في الوزن إلى تفاقم فقدان العظام؛ لذا كانت الفكرة هي اختبار نظام غذائي يساعدهن على خسارة بضعة كيلوغرامات دون الإضرار بصحة عظامهن.
والأرقام تتحدث عن نفسها، فقد فقدت النساء، اللاتي اتبعن النظام الغذائي الموصى به، ما معدله 4% من وزن أجسامهن على مدى ثلاث سنوات، وهي خسارة معتدلة، ولكنها كافية لتحسين حالة التمثيل الغذائي لديهن. والأهم من ذلك كله، لم يكن فقدان الوزن هذا مصحوبا بفقدان العظام التقليدي الذي لوحظ لدى كبار السن.
ووفقا للباحثين، تُعزى هذه الفائدة إلى الثراء الغذائي للنظام الغذائي المتوسطي خاصة فيما يتعلق بمضادات الأكسدة وأحماض أوميغا 3 الدهنية والكالسيوم النباتي.
نظام غذائي يعزز أيضا تجديد العظام
وليس هذا كل شيء، فقد قامت الدراسة أيضا بقياس مستويات علامات ارتشاف العظام في الدم، وهي مؤشرات بيولوجية لتدهور العظام. وهنا أيضا، أظهرت النساء في مجموعة النظام الغذائي+ النشاط البدني مستويات أكثر استقرارا من النساء في المجموعة الضابطة (أي المجموعة التي اتبعت نظاما غذائيا متوسطيا تقليديا حسب الرغبة بدون تحديد لكميات الأكل أو السعرات الحرارية، ودون تقييد على استهلاك الطاقة أو توصيات محددة فيما يتعلق بالنشاط البدني)؛ وبعبارة أخرى، لم يقتصر الأمر على عدم تدهور العظام فحسب، بل يمكن أن يشجع نمط الحياة هذا على تجديدها.
ويعلق الدكتور فاسكيز لورينتي على ذلك بالقول: “تُظهر نتائجنا أن التغيير المستدام في نمط الحياة، الذي يتضمن نظاما غذائيا متوسطيا منخفض السعرات الحرارية ونشاطا بدنيا مناسبا، هو استراتيجية فعالة للحفاظ على صحة العظام بعد انقطاع الطمث.
ما نوع النشاط البدني الذي يمكنك القيام به بعد سن الخمسين؟
لستِ مضطرة إلى الجري في ماراثون، لإبطاء فقدان العظام، فهناك ثلاثة أنواع تكميلية من التمارين الرياضية:
المشي السريع أو مشي النورديك: 30 دقيقة على الأقل، خمس مرات في الأسبوع، لتحفيز الهيكل العظمي بلطف.
جلسات تقوية العضلات: مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع، باستخدام الأوزان الخفيفة أو باستخدام وزن الجسم كالقرفصاء وصعود السلالم.
أنشطة التوازن ووضعية الجسم: اليوغا Yoga, والتاي تشي Tai Chi والبيلاتس Pilates، وهي مثالية لمنع السقوط وتحسين التناسق.
في الوقت نفسه، قومي بتغيير عاداتك الغذائية تدريجيا لإعطائها نكهة البحر الأبيض المتوسط من خلال التركيز على الحبوب الكاملة والفاكهة المجففة، والطهي بزيت الزيتون، واستبدال اللحوم الحمراء بالأسماك، وقبل كل شيء، ملء طبقك بحصص كبيرة من الخضروات الغنية بمضادات الأكسدة.