يعد التصحر وتدهور الأراضي من أبرز التحديات البيئية التي تواجه المغرب، حيث تؤثر هذه الظواهر سلبا على التنوع البيولوجي، الاقتصاد، والمجتمع، في إطار الجهود الدولية المبذولة للتصدي لظاهرة التصحر. ويشارك المغرب بفعالية في مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16)، المنعقد بالرياض، في الفترة الممتدة من 2 إلى 13 دجنبر 2024.
مشاركة المغرب في أشغال كوب 16
يترأس الوفد المغربي عبد الرحيم هومي، المدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات، الذي استعرض استراتيجيات المملكة ومبادراتها الرائدة في مجال مكافحة التصحر. ومن أبرز هذه المبادرات استراتيجية “غابات المغرب 2020-2030“، التي أطلقت بمبادرة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي تهدف إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية وتعزيز قدرة المناطق الهشة على التكيف مع التغيرات المناخية.
أسباب التصحر في المغرب
يظهر التقرير الرابع عن حالة البيئة في المغرب لسنة 2020، صورة مقلقة عن تدهور الأراضي وانعكاساته السلبية على التنوع البيولوجي والاقتصاد والمجتمع، فهناك العديد من الأسباب التي أدت إلى وجود هذه الظاهرة بالمغرب، أبرزها الأنشطة البشرية والضغوط البيئية اللذان تؤديان إلى تفاقم مشكلة التصحر وتدهور الأراضي؛ فالتوسع العمراني المتسارع يساهم في استنزاف الأراضي الزراعية والمساحات الطبيعية (ارتفاع نسبة التمدن من 44.9% سنة 1985 إلى 62% سنة 2018)، بالإضافة إلى الممارسات الزراعية غير المستدامة التي تعمل على تدهور التربة وفقدان خصوبتها.
وتعاني المناطق الرطبة والواحات والجبال أيضا من استنزاف الموارد المائية نتيجة الإفراط في استخدامها، بينما تشكل الأنواع النباتية والحيوانية الدخيلة أو الغازية “Les espèces animales et végétales invasives”، تهديدا خطيرا للتنوع البيولوجي المحلي، حيث تنافس الأنواع الأصلية وتؤدي إلى تدهور النظم البيئية|، مما يجعل من الضروري تبني سياسات مستدامة وإجراءات عاجلة للتخفيف من آثار التصحر والحفاظ على الموارد الطبيعية لضمان استدامة البيئة ودعم رفاهية المجتمعات المحلية.
انعكاسات التصحر
يؤدي التصحر وتدهور الأراضي إلى تأثيرات متعددة تشمل التنوع البيولوجي، الاقتصاد، وجودة الحياة، حيث يساهم تدهور الأراضي في فقدان الموائل الطبيعية، الشيء الذي يهدد بقاء الأنواع النباتية والحيوانية النادرة. كما يتسبب التصحر على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، في نزوح السكان من المناطق المتضررة، مما يزيد الضغط على المناطق الحضرية ويؤدي إلى تفاقم التحديات الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، يساهم الغبار الناتج عن التربة المتدهورة و انخفاض الإنتاج الزراعي الذي يعرض الأمن الغذائي للخطر، في تدهور الصحة العامة و تأثر جودة الحياة بشكل مباشر.
الإجراءات المطلوبة
يتطلب التصدي للتصحر وتدهور الأراضي اعتماد سياسات شاملة لإدارة الأراضي بطريقة مستدامة، بما في ذلك استعادة الأراضي المتدهورة وضمان استدامتها. كما يجب تكثيف الجهود لتوعية المجتمعات المحلية بأهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية وتعزيز مشاركتها الفعالة. و ينبغي أيضا تعزيز التعاون الدولي عبر بناء شراكات قوية بين الدول والمنظمات لتبادل الخبرات والموارد، بما يساهم في إيجاد حلول فعالة ومستدامة لهذا التحدي العالمي.
وفي الأخير، يمكن القول أن مشاركة المغرب في مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) هي بمثابة خطوة استراتيجية تعكس التزامه الراسخ بمواجهة التصحر وتدهور الأراضي. فهذه المشاركة ليست مجرد حضور رمزي، بل تجسد رؤية طموحة لتبني حلول مبتكرة، وتعزيز التعاون الدولي، والعمل على استدامة الموارد الطبيعية، بما يضمن تحقيق التنمية المستدامة وحماية البيئة للأجيال القادمة.