عقد المؤتمر السادس عشر للطاقة في مدينة ورززات يوم 23 أبريل 2025 في وقت تشهد فيه إفريقيا تحولات جذرية في قطاع الطاقة العالمي. وجاء هذا المؤتمر ليلامس التحديات والفرص التي تواجه قطاع الطاقة المتجددة في المغرب وشمال إفريقيا، خاصة في ظل التوجه العالمي نحو التحول الأخضر وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة.
يمتلك المغرب واحدا من أكثر أنظمة الطاقة طموحا في المنطقة، فهو يستثمر بكثافة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث تبلغ القدرة الإجمالية لمشروع نور ورززات للطاقة الشمسية 580 ميجاوات، مما يجعله أحد أكبر المجمعات الشمسية في العالم .
أهم الأحداث والجلسات الرئيسية
تضمن المؤتمر سلسلة من الجلسات الحوارية وورش العمل التي سلطت الضوء على عدة محاور رئيسية:
1. جلسة الافتتاح الرسمية: التي شارك فيها مسؤولون حكوميون رفيعو المستوى من وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة وممثلون عن الوكالة المغربية للطاقة المستدامة MASEN، حيث تم استعراض الإنجازات الأخيرة للبلاد في مجال الطاقة المتجددة.
2. حوارات حول التكامل الإقليمي للطاقة: ناقش المشاركون سبل تعزيز التعاون بين دول شمال أفريقيا في مجال الربط الكهربائي وتبادل الطاقة النظيفة، مع التركيز على المشاريع المشتركة مثل الربط الكهربائي المغربي-الأوروبي.
3. عرض تقنيات التخزين الحديثة: تم تقديم حلول مبتكرة لتخزين الطاقة، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها مصادر الطاقة المتقطعة مثل الشمسية والرياح.
4. مناقشات حول التمويل الأخضر: تناولت الجلسة آليات تمويل مشاريع الطاقة المتجددة، مع عرض نماذج ناجحة للشراكات بين القطاعين العام والخاص.
دارت النقاشات خلال المؤتمر حول عدة مواضيع حيوية:
– التوسع في مشاريع الطاقة الشمسية: حيث تم التأكيد على أهمية تعزيز القدرات المحلية في تصنيع مكونات الألواح الشمسية لتقليل الاعتماد على الاستيراد .
– دور الهيدروجين الأخضر: تمت مناقشة إمكانات المغرب في إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر، خاصة بعد الإعلان عن مشاريع طموحة في هذا المجال.
– العدالة الطاقية: ناقش المشاركون سبل ضمان وصول الطاقة النظيفة بأسعار معقولة لكافة فئات المجتمع، خاصة في المناطق النائية.
– التحديات التقنية: مثل تكامل الطاقة المتجددة مع الشبكة الكهربائية الوطنية وإدارة الأحمال الذكية.
أسفر المؤتمر عن عدة نتائج مهمة:
1. إعلان ورززات: الذي أكد على ضرورة تسريع وتيرة الاستثمار في الطاقة المتجددة لتحقيق الأهداف المناخية الوطنية والدولية.
2. اتفاقيات تعاون: تم توقيع عدة مذكرات تفاهم بين مؤسسات مغربية ودولية لتنفيذ مشاريع مشتركة في مجال الطاقة النظيفة.
3. توصيات سياساتية: دعا المشاركون إلى تبسيط الإجراءات القانونية والإدارية لتشجيع الاستثمار في القطاع.
4. خطة عمل: تم وضع إطار زمني لتنفيذ المشاريع المعلنة، مع آليات للمتابعة والتقييم.
وخرج المؤتمر بمجموعة من التوصيات الرئيسية:
1. تعزيز البحث والتطوير: خاصة في مجالات تخزين الطاقة وتقنيات الشبكات الذكية.
2. بناء القدرات المحلية: من خلال برامج تدريبية متخصصة في مجال الطاقة المتجددة.
3. تعزيز الشراكات الدولية: للاستفادة من الخبرات العالمية في هذا المجال.
4. تطوير البنية التحتية: لتسهيل نقل وتوزيع الطاقة المنتجة من المصادر المتجددة.
تقييمات وآراء حول المؤتمر
تلقت فعاليات المؤتمر تقييمات إيجابية من المشاركين والخبراء:
– أشاد العديد من الخبراء بمستوى التنظيم وثراء النقاشات، معتبرين أن المؤتمر نجح في وضع إطار عملي للتوجهات المستقبلية لقطاع الطاقة في المنطقة.
– بعض المشاركين أبدوا رغبتهم في رؤية المزيد من التركيز على الجوانب التطبيقية والتقنية في الدورات القادمة.
– تم الإشادة بالدور الريادي للمغرب في مجال الطاقة المتجددة على المستوى الإقليمي، مع دعوات لتعميم النموذج المغربي على دول أخرى في إفريقيا.
نحو مستقبل طاقي مستدام
شكل المؤتمر السادس عشر للطاقة بورززات منصة حيوية لتبادل الخبرات واستشراف مستقبل قطاع الطاقة في المنطقة؛ ،ففي ظل التحديات المناخية المتزايدة، أثبتت الطاقة المتجددة نفسها كحل استراتيجي ليس فقط لتأمين الإمدادات الطاقية، ولكن أيضا لتحقيق التنمية المستدامة.
كما أن النجاحات التي حققها المغرب في هذا المجال، كما تم عرضها خلال المؤتمر، تقدم نموذجا يمكن للدول النامية الأخرى أن تستلهم منه في رحلتها نحو التحول الطاقي .