يواصل المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، في إطار تعاون مغربي – فرنسي، أبحاثه الأركيولوجية بموقع “طوما 1” بالدار البيضاء، بهدف استكشاف فترات الاستيطان البشري القديم على الساحل البيضاوي. وقد انطلقت هذه الأبحاث الميدانية في 2 أبريل الجاري وتستمر إلى غاية 17 من الشهر نفسه.
ويشرف على هذه الحملة العلمية فريق مغربي بقيادة الباحث عبد الرحيم محب، وفريق فرنسي يقوده كل من كاميل دوجار وروزانيا كاليوتي. وتركز الدراسات على طبقات أثرية تعود إلى نحو مليون و300 ألف سنة، من المرحلة القديمة للعصر الحجري القديم، حيث تم اكتشاف أدوات حجرية استخدمها الإنسان القديم، إضافة إلى بقايا حيوانات منقرضة كالفيلة ووحيد القرن والفهود، فضلا عن أنواع أخرى كالخيول والغزلان، ما يعكس تنوعا بيئيا كبيرا خلال تلك الحقبة.
ووفق ما أوضحه الباحث عبد الرحيم محب، تهم هذه الأبحاث تحليل البقايا البشرية والحيوانية، وإجراء اختبارات ميدانية دقيقة على العينات الجيولوجية لفهم تسلسل الطبقات الزمنية، وإعادة تقييم المعطيات العلمية المتوفرة. كما تشمل الدراسات لهذا الموسم اختبارات جيوفيزيائية بمغارة “وحيدي القرن”، بهدف تحديد امتدادها الكامل، في ظل التأثيرات الناجمة عن استغلال المقلع المجاور.
ويضم موقع “طوما 1” مستويين أثريين رئيسيين؛ الأول مؤرخ بحوالي مليون و300 ألف سنة، ويعد أقدم دليل موثق على الاستيطان البشري بالمغرب، أما الثاني فيخص مغارة تحتوي على أدوات حجرية وبقايا بشرية يتراوح تاريخها بين 700 و800 ألف سنة.
وتتركز الأبحاث حاليا بالمقلع الثاني للموقع، لدراسة المقاطع الجيولوجية للعصرين الثلاثي والرباعي، واستكشاف أماكن الاستيطان سواء داخل المغارات أو في الهواء الطلق. ويعود اكتشاف أهمية الموقع إلى سنة 1972، حين تم العثور على بقايا بشرية متحجرة يتجاوز عمرها 500 ألف سنة.
وتسعى الحملة الحالية أيضا إلى البحث عن أقدم أثر لعملية “الجزارة” في إفريقيا، من خلال تتبع علامات سلخ الجلود وآثار العض البشري على العظام، التي ما تزال تحمل شظايا الأدوات الحجرية المستعملة من قبل الإنسان القديم.