احتفلت المديرية العامة للأمن الوطني، يوم 16 ماي 2025، بالذكرى التاسعة والستين لتأسيسها، مجددة التزامها الراسخ بخدمة أمن المواطن وسلامة الوطن. وقد شكل هذا الحدث مناسبة لاستعراض أبرز التحولات التي شهدها الجهاز الأمني المغربي، بما في ذلك التقدم المسجل على مستوى إدماج الأبعاد البيئية ضمن الرؤية الأمنية الحديثة.
الأمن البيئي: ركيزة أساسية في الاستراتيجية الأمنية
أدركت المديرية العامة للأمن الوطني أهمية الأمن البيئي كجزء لا يتجزأ من الأمن الشامل، نظرا لما يشكله تدهور البيئة من تهديد مباشر لصحة المواطنين وموارد البلاد الطبيعية. وفي هذا السياق، تضطلع المديرية بدور متزايد في محاربة الجرائم البيئية، من خلال التنسيق مع الشرطة البيئية وباقي المتدخلين، والتدخل في قضايا تتعلق بتلويث المياه، أو تهريب النفايات، أو الاعتداءات على المناطق الغابوية والمحميات الطبيعية.
الشرطة البيئية: شريك استراتيجي في حماية البيئة
تم إنشاء الشرطة البيئية في المغرب بموجب المرسوم رقم 2-14-782، حيث تضطلع بمهام المراقبة والتفتيش والبحث والتحري ومعاينة المخالفات وتحرير المحاضر في شأنها، المنصوص عليها في المقتضيات القانونية المتعلقة بالبيئة. وتعمل هذه الهيئة بتعاون وثيق مع مصالح الأمن الوطني والدرك الملكي ووزارة العدل، لرصد مختلف المخالفات البيئية، وخصوصا منها المخالفات التقنية المتصلة بتلوث الهواء ودراسات الأثر قبل إنجاز المشاريع .
التكنولوجيا في خدمة البيئة: سيارة “أمان” نموذجا
من أبرز ما ميز احتفالات هذه السنة، تقديم نموذج أول سيارة شرطة ذكية مغربية الصنع تحمل اسم أمان، وهي مبادرة تعكس طموح المغرب في تحديث آلياته الأمنية. ورغم أن هذه السيارة وضعت أساسا لخدمة الأمن العام، إلا أن توظيف التكنولوجيا الحديثة مثل الطائرات المسيرة، وأجهزة الاستشعار الدقيقة، يفتح آفاقا واعدة لرصد التجاوزات البيئية في الزمن الحقيقي، ومراقبة الأنشطة البشرية في المناطق الحساسة بيئيا.
نحو مؤسسة أمنية صديقة للبيئة
تشير بعض المبادرات داخل مصالح الأمن الوطني إلى بداية توجه نحو تقليص البصمة البيئية، سواء من خلال تحديث أسطول المركبات لتشمل نماذج أقل استهلاكا للطاقة، أو ترشيد استهلاك الموارد داخل البنايات الأمنية، وهي خطوات مرحب بها وينبغي تعميمها وتعزيزها بسياسات مؤسساتية واضحة.
التوعية البيئية: شراكة مجتمعية
يشارك عناصر الأمن الوطني في حملات توعية وتحسيس لفائدة المواطنين والتلاميذ، ركزت على ترسيخ قيم المواطنة والسلوك المدني. ومن شأن إدماج البعد البيئي في هذه الأنشطة أن يرسخ لدى الأجيال الصاعدة فكرة الترابط الوثيق بين أمن الإنسان وسلامة محيطه الطبيعي.
لا تحتفل المديرية العامة للأمن الوطني، في الذكرى 69 لتأسيسها، فقط بتاريخها وإنجازاتها، بل تؤكد أيضا على تحول استراتيجي نحو مقاربة أمنية حديثة، متعددة الأبعاد، تجعل من البيئة عنصرا أساسيا في معادلة الأمن المستدام. إنها مناسبة لنا، للانخراط في النقاش حول الأمن الأخضر وتعزيز التكامل بين المؤسسات الأمنية والبيئية، حماية للإنسان، والمجال، والمستقبل.