الفلاحة الإيكولوجية المستدامة.. نموذج بديل

ECO1725 مارس 2025
الفلاحة الإيكولوجية المستدامة.. نموذج بديل
أمين بوخويمة

يشير مفهوم الفلاحة إلى طريقة الزراعة التقليدية المتبعة منذ الأزل والتي تقوم على الاستخدام المكثف للموارد الطبيعية، من خلال الاستفادة من الأراضي الزراعية قدر الإمكان.

وأصبحت العديد من الدول حول العالم، تتجه نحو الفلاحة الإيكولوجية التي تقوم على تحسين جودة التربة بشكل طبيعي، وتحسين جودتها وتطوير إنتاجيتها، وتراعي جوانب استهلاك المياه خاصة في ظل الوضعية المائية المقلقة التي يعيشها العالم ككل.

الفلاحة الإيكولوجية
وتعتبر الفلاحة الإيكولوجية نموذجا بديلا للفلاحة القديمة، التي تقوم على إدخال بعض الأسمدة والمواد الكيماوية في الاستعمالات الفلاحية، خاصة وأنها تعتمد على مجموعة من التقنيات الحديثة وتقترح ممارسات مبتكرة وطرق زراعية جديدة، تراعي الجانب الصحي للإنسان.
ويحيل مفهوم الفلاحة الإيكولوجية، على الزراعة التي تعتمد نظاما فلاحيا شاملا يدمج الاعتبارات الزراعية والبيئية والمناخية والاقتصادية والاجتماعية في نفس الوقت، مع اعتماد نهج فلاحي مستدام، دون مدخلات كيماوية ودون استهلاك الكثير من المياه والطاقة.

ويقوم هذا النوع الزراعي الحديث على تعزيز إحياء التربة والتنوع البيولوجي وإنتاج زراعة طبيعية متعددة المحاصيل، وذات جودة عالية صحيا، معتمدة في ذلك على معطيات علمية دقيقة كالبيولوجيا والجيولوجيا وعلم التغذية وعلم الزراعة وعلم النباتات والمناخ.

ويطمح ممارسي الفلاحة الإيكولوجية إلى جعلها نظام غذائي، يحظى بالدعم من قبل السياسات العمومية الفلاحية بالمغرب، لقدرتها على التصدي للتحديات العالمية المرتبطة بالتغيرات المناخية والأمن الغذائي، اللذان أصبحا يهددان المجتمعات الإنسانية أكثر من أي وقت مضى.

وتهدف الزراعة الإيكولوجية إلى خلق فلاحة مستدامة، قادرة على تحسين قدرة الناس والمجتمعات على الصمود والتصدي للتغيرات المناخية التي تؤثر سلبا على وفرة الإنتاج، وتساهم في الجفاف وتدهور الموارد الطبيعية.

ويواجه هذا النوع الفلاحي إكراهات عدة أهمها مشكل التمويل الذي يعتبر ضروريا، ويتطلب شراكات قوية مع المنظمات التي تشجع على الاستثمار واستعمال التكنولوجيا الحديثة، كما يتطلب سياسات عمومية رشيدة تراعي جانب الاستدامة، وتنزيل مخططات تنموية فلاحية بيئية تضمن انخراط الفاعلين السياسيين والجمعويين.

نحو فلاحة مستدامة
وفي هذا السياق، أشارت فلورانس رول ممثلة منظمة الأغذية والزراعة بالمغرب، في تقرير حول أهمية اعتماد الفلاحة الإيكولوجية بالمغرب، إلى أن المنظمة أصبحت تنص على تعزيز إدماج مقاربات الفلاحة المستدامة بما فيها الفلاحة الإيكولوجية، في أنشطة التخطيط القادمة.

وتقـود المنظمـة عدة مشاريع للحفاظ على تنـوع المحاصيل والحـد من تلف الأراضـي، بما يتماشـى مـع أنظمـة التـراث الفلاحـي، حيـث يقـوم هـذا الأخيـر على تدبيـر تكيفي للتـراث الفلاحـي في خمسـة واحات، خاصـة واحات إملشـيل وآيـت منصـور وفكيك آسـا وآقـا، وإدماجها في نظـام التـراث الفلاحي العالمـي SIPAM.

ويحتاج نجاح الفلاحة الإيكولوجية، القيـام بـدورات تكوينيـة لفائـدة الفلاحيـن والفلاحـات فـي مجـال الانتقـال إلـى الفلاحـة المسـتدامة، مع تيسير إنتاج البذور البيولوجية وتبادلها، وكذا منـح تعويضـات مالية للفلاحيـن الراغبين في الانتقـال من النموذج التقليدي إلى الفلاحة الإيكولوجية، إضافة إلى توعية المستهلكين وتسهيل شبكات التسويق البيولوجية، مع تطويـر البحـث العلمـي الذي يسـمح بالابتـكار في مجـال التقنيات الخاصة بالفلاحـة الإيكولوجية.

معيقات الفلاحة الإيكولوجية بالمغرب
أكدت مديرية تطوير قطاعات الإنتاج أن المساحات المخصصة للفلاحة البيولوجية بالمغرب وصلت إلى حوالي 282.480 هكتار، كما أن المساحات الإيكولوجية المزروعة زادت من 4000 هكتار إلى 10000 هكتار تقريبا بين سنتي 2010 و2020، والتي قدرت سنة 2020 بـ 180 ألف هكتار.

لكن توجد العديد من الصعوبات التي تعيق تطور وانتشار الفلاحة الإيكولوجية بالمغرب أبرزها، ارتفاع أثمنة منتوجاتها مقارنة بالمنتوجات الفلاحية الصناعية نظرا لقلتها، الأمر الذي يطرح تساؤلا حول إمكانية توفير الاكتفاء الذاتي. وهناك صعوبة الحصول على الحبوب الأصيلة لهذا النوع من الزراعات، بسبب ارتفاع ثمنها وغلاء كلفة استيرادها.

ومن جهة أخرى، يرتبط استهلاك المنتجات الفلاحية الإيكولوجية بمدى وعي المستهلك لاشتراء منتجات بيولوجية تراعي صحة الإنسان والبيئة على حد سواء. وهنا يبرز دور الدولة من خلال دعم هذا النوع الفلاحي المستدام، الذي يراعي الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والمناخية، وتوعية الفلاحين والمواطنين على حد سواء بأهميتها، وجعلها نمط عيش يأخذ بعين الاعتبار حقوق الأجيال الحاضرة، وترك طبيعة ملائمة وأراضي زراعية جيدة للأجيال القادمة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق